فقال: إنما أرسلتهم على غيره فأكذبوا؛ صدقوا إلا أن يقيم بينه إسلام بما قال، فيرد عقدهم، ولو نزلوا على تعريف الطاغية ليرضى فقالوا: رضي فأنكر؛ لم يصدقوا عليه ولو أسلموا، وكذا لو أخبروا الطاغية بخلاف ما عقدوا فرضي؛ لم يلزمه ما عقدوا، وإن فات في حصنه نهب، رد أو قيمته، ولو رضي المسلمون بما أخبروا به الطاغية ورضيه، فبدا له لما كذبهم، فرجع سَحنون عن لزوم ذلك الطاغية، ويرد لحال أمنه.
قال: كمأمور ببيع سلعة بما رأى الآمر باعها بخمسة عشر فأخر ربها فرضي، ثم ظهر أنه باعها بثلاثة عشر، فلم يرضى، فقال المبتاع: أؤدي خمسة عشر، وأبى البائع؛ فله ذلك، ولو اختلف في أسر وتأمين قبل قول مدعيه، فيقبل أو يرد لمأمنه إلا مع قرينه الأسر، فيصدق مدعيه.
سَحنون: إن خرج للعسكر من بلد الحرب علجٌ مع مسلم ادعى أنه أسيره، وقال العلج: جئت مستأمناً أو أمنني؛ صدق حتى يرد لمأمنه، ولو جاء معه مقهوراً ككونه في وثاقه كمجيئه، وفي عنقه حبل يقوده به، صدق المسلم، ولو جاء مع عدد كثير قالوا: أسيرنا؛ صدقوا؛ لأنه في كثرتهم كمقهور، ولو أنهم مائة شهد أحدهم له؛ لم يصدق إلا بشهادة عدلين، ولو خرج عبد مسلم كان أبق لبلد الحرب، ومعه عبيد استألفهم فأنكروا وقالوا: نحن أحرار جئنا للإسلام؛ صدقوا إن لم يكونوا في وثاقه، وللإمام تأمينهم أو ردهم لمأمنهم، وإن كانوا في وثاقه؛ فهم له عبيد، لو قالوا: إنما أوثقنا ببلد الإسلام حين خفنا، فإن استدل على قولهم؛ صدقوا وإلا فلا.
قُلتُ: مثله سمع يحيى ابن القاسم.
قال ابن رُشْد: إن لم يكونوا في وثاق صدقوا اتفاقاً، ولو ارسل مسلم أسيره على أن يأتيه بابنه أو زوجته فداءً له، فأتاه بهم، فقالوا: خرجنا معه بعهد، وقال: بل سرقتهم، ففي قبول قوله أو قولهم سماع أَصْيَغ ابن القاسم وقول محمد، ونقل الشيخ وابن رُشْد عن ابن ميسر: اختيار الأول وتعليه بأن تقدم خروجه ليأتي بهم قرينة توجب قبول قوله.
ابن رُشْد: لو أتى بهم دون تقدم سبب؛ لم يقبل قوله اتفاقاً.
سَحنون: صح النهي عن إنزال العدو على حكم الله عز وجل فإن جهل الإمام،