فإن كان في مجلس واحد؛ فعليهم أن يجيبوا من طلبهم للأداء ما لم يستقل موجب الحكم، فلا يجب على من طلب بالأداء بعده، وإن كان تحملهم في أوقات مختلفة تعين الأول فالأول ما لم يظهر سقوط من يفتقر بعده لتمام النصاب، وهو قائم من قولها في كتاب الجعل والإجارة: ومن واجر على رضاع صبي، ثم واجر أخرى تطوعاً منه، ثم ماتت الأولى؛ فعليه أن يأتي بمن يرضع مع الثانية، فجعل من التزم حكماً بعد آخر؛ لا يلزمه منه إلا الزائد على ما يجب على الأول منه، وظاهر قولهم: إنه فرض عين مطلقاً هو القائم من قولها في كتاب الحمالة: من أخذ من غريمة كفيلاً بعد كفيل؛ فله في عديم الغريم أن يأخذ بجميع حقه، أي: الكفيلين شاء، فجعل من ألتزم حكماً بعد آخر يتعلق به كتعلقة بالأول.
ابن رشد: وقول بعض أهل العلم: يجب على كل من دعي لها أن يجيب إليها أداء، أو تحملاً للآية غير صحيح، لأنه قبل التحمل لا يصدق عليه اسم شاهد، وأما أن لم يدع إلى أدائها، فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:(خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها، أو يخبر بشهادته قبل أن يسألها)، وهذا فيه تفصيل استوفيناه في رسم شهد من سماع عيسي.
قلت: يذكر إن شاء الله عند قول ابن الحاجب السادس: الحرص على الشهادة، ولما كانت الشهادة موجبة لحكم الحاكم بمقتضاها؛ اكتسبت من الشرف منزلاً.
[باب في شروط الشهادة في الأداء]
تشترط فيها شروط منها في أدائها الكافي: الإسلام اتفاقًا، وشهادة المبتدع ساقطة؛ لأنه كافر أو فاسق.