وبيع الأعمى، قال المازري: إن كان بعد إبصاره أجناس البيع وصفاته بحيث يتخيله بالوصف جاز، ومن خلق أعمى، منع الأبهري بيعه، وأجازه القاضي كالأول.
قُلتُ: هو نقل ابن رُشْد عن المذهب ومفهوما كلام المازري فيمن عمي صغيرًا متعارضان والأظهر كالثاني، وإسناد بيع الأول للوصف واضح.
وفيه: للثاني نظر والأقرب وصفه بقدر قيمته لا لصفة أعراضه المرئية.
[باب في نقد ثمن الغائب]
ونقد ثمن الغائب غير الدور والعقار لا يجب، وفي الدور والعقار نقلا الصقلي عن أبي عمران قائلًا: كما لو كانت حاضرة؛ لأنها رهن بثمنها، وبائعها أحق بها في الفلس والموت من الغرماء، حتى يقبض ثمنها، وابن عبد الرحمن محتجًا بضمانها مبتاعها بالعقد.
قُلتُ: كذا قررهما الصقلي وقرر المازري حجة أبي عمران بلفظ: لكون مشتريها غير متمكن من قبضها، وهي في يد بائعها كرهن؛ لأنه أحق بها في الفلس والموت، واعتبار عدم التمكن مناسب لعدم الحكم بالنقد. وقبول الصقلي ما ذكره من احتجاج أبي عمران يرد بأنه ينتج له عكس دعواه في الحاضر المقيس عليه؛ لأن الراهن مبدأ بدفع ما الرَّهن به رهن قبل قبض الرهن، ونظير الراهن المبتاع فيلزم تبدئته بدفع الثمن، ومال قياسهما استنادهما لأصل واحد هو المبيع الحاضر، وحكمه عند ابن عبد الرحمن وجوب النقد، وعند أبي عمران عدمه فتأمل ذلك، وعزا الثاني عياض أيضًا لابن محرز، وابن القُصَّار قائلًا: هذا الصحيح من مذهب مالك المازري: واتفق الشَّيخان على عدم وجوبه فيما قرب من العروض للخلاف في ضمانه، ولو رأى ابن عبد الرحمن رأي ابن حبيب، أنه لا يختلف في ضمانه، لا وجب النقد فيه كالعقار.
قُلتُ: على اعتبار المدارك في التخريج دون تعيين قائلها يتخرج وجوب النقد فيما قرب من العروض المازري: وما بعد من العروض لم يختلف في عدم وجوب النقد فيها لتسليم ابن حبيب شهرة الخلاف في ضمانها.