وللمقضي له ذلك إذا تعذر من المقضي عليه، وقيل: لا يلزمهما إلا بعد غرم المقضي عليه، وضعفه إبن عبد الحكم.
قلت: قوله: (عن المذهب) وللمقضي له ذلك وهم؛ لأنه خلاف المنصوص، ولو ذكره بعد ذكر المنصوص أمكن أن يكون قولا انفرد بمعرفته وقوله.
وقيل: لايلزمهما إلا بعد غرم المقضي عليه، وضعفه ابن عبد الحكم ظاهره أن هذا القول في المذهب، وهو وهمٌ، وما نقله من تضعيفه ابن عبد الحكم قد نقله الشيخ حسبما تقدم.
ابن عبد السلام: إذا وقف غرمهما على غرم المقضي عليه، فغرمهما مشروط بغرمه، فيلزمه تأخير الشرط عن المشروط، وذلك مناقض لأصل المسألة أن للمقضي عليه أن يطالبهما بالدفع للمقضي له قبل غرمه.
ألا ترى أن غرمهما سابق على غرمه، فيكون غرمهما سابقاً لاحقا؛ وهو باطل، فلو صح مانقله المؤلف من تضعيف ابن عبد الحكم لكان وجهه هذا.
قلت: وقفه على غرمه إنما هو في غيبته لا مع حضوره، ولا يتوهم تأخر الشرط عن المشروط إلا في مجموع توقف غرمهما على غرمه مع لزوم غرمهما بمجرد طلبه غرمهما قبل غرمه، ويرد بأنه إنما شرط غرمهما بغرمه في حال غيبته لا في حال حضوره؛ لأنه في غيبته يمكن أن لو حضر أقر بالحق المشهود عليه به، وإذا حضر وطلب غرمهما إنتفى هذا الإحتمال فقوله:(يلزم تأخير الشرط عن المشروط)؛ وهم فتأمله.
وقوله:(لو صح مانقله المؤلف من تضعيف ابن عبد الحكم) يدل على أنه لم يصح، وقد تقدمت صحته، وقوله:(لكان وجهه هذا) يدل على أن ابن عبد الحكم لم يذكر وجه تضعيفه، وقد تقدم توجيهه لو نصّاً.
[باب تعارض البينتين]
تعارض البينتين: إشتمال كل منهما على ما ينافي الأخرى.
عبد الحق: روى النسائي بسنده عن أبي موسى: ((أن رجلين إختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم