ثم قال في فصل آخر: قال سَحنون: لا تنعقد الشركة إلا بخلط المالين وحمل أمرهما على أن كل وأمر باع نصف ملكه بنصف ملك الآخر، وأنها مصارفة، فإذا خلطا كان ذلك قبضًا وفوتًا، وقياد قوله إذا قبض كل منهما جميع دنانير الآخر كان مناجزة، وإن لم يخلطا كان ذلك قبضا؛ لأن المقبوض بعضه صرف وبعضه وديعة، ولو صرف رجل من رجل خمسين دينارَا، أو دفع إليه مائة دينار ليكون له نصفها، ونصفها وديعة جاز.
قُلتُ: ظاهر قوله وقياد قوله إن اجتماع المالين في حوز أحدهما دون خلط، كالخلط الحسي أنه غير نص له خلاف قول الصقلي.
قال سَحنون: إن جمعا الصرتين في خرج أحدهما أو في يديه تمت الشركة.
[باب معنى الخلط في الشركة]
ففي شرطها بالخلط الحسي المفيد عدم تمييز أحدهما من الآخر، أو بمجرد اجتماعهما في حوز واحد، ثالثها: هذا أو شراء كل منهما بماله على الشركة أو أحدهما فقط في ثبوتها، للخمي عن الغير، وعن سَحنون، وقول ابن القاسم فيها: وحكمها جوز استقلال كل منهما بتصرف التجر في مالها، وإن لم يشترطاه، وأن فعل أحدهما كفعل الآخر في شفعتها ليس لأحد المتفاوضين فيما باع الآخر شفعة؛ لأن بيع أحدهما يلزم صاحبه، وفي شهاداتها: إن ادعى أحد المتفاوضين وخير على رجل دينا من شريكه، فأنكره فله تحليفه على حظ شريكه لا فعل أحدهما كفعل الآخر.
قُلتُ: من قضى ما عليه لأحدهما لآخر جاز، ولأحدهما أن ينفع أو يفارض دون إذن الآخر ويودع لعذر نزل به، ومقتضى قولها: إن باع أحدهما لأجل، ثم أخر الغريم بعد حلول الاجل جاز استيلافًا، وما باعه لأجل لا يجوز لشريكه شراؤه بأقل نقدًا، وما