الأحاديث المتعلقة بأمور جزئية، ولأجل هذا تجدهم يقولون: اختلف في القضايا العينية تعم أم لا؟، وكآية {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}[المسد:١]، ونحوها كثير.
والصواب: أن الشهادة قول هو بحيث يوجب على الحاكم سماعه الحكم بمقتضاه إن عدل قائله مع تعدده، أو حلف طالبه؛ فتخرج الرواية والخبر القسيم للشهادة، وإخبار القاضي بما ثبت عنده قاضياً آخر يجب عليه الحكم بمقتضي ما كتب به إليه؛ لعدم شرط بالتعدد أو الحلف، وتدخل الشهادة قبل الأداء وغير التامة، لأن الحيثية لا توجب حصول مدلول ما أضيفت إليه بالفعل حسبما ذكروه في تعريف الدلالة، وهي باعتبار تحملها الروايات واضحة بأنها فرض كفاية.
في نوازن سحنون: سئل عن قوله تعالي: {وَلا يَابَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}[البقرة:٢٨٢] فقال: إذا كان للرجل عندك علم، فأشهدك عليه، وإن لم يكن له عندك علم؛ إنما يريد أن يشهدك ابتداء؛ فأنت في سعة إن وجد في البلد غيرك ممن يشهده، فقرره ابن رشد بأن تحمل الشهادة فرض كفاية يحمله بعض الناس عن بعض كصلاة الجنازة، فمن كان بموضع ليس فيه من يحمله عنه تعين عليه، وأما أن يدعي ليشهد بما علمه أو استحفظه، فإن ذلك واجب عليه، فمن كانت عنده شهادة؛ فلا يحل له كتمها، ولمه إذا دعي إليها أن يقوم بها.
الصقلي: اختلف في قوله تعالي: {وَلا يَابَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}[البقرة:٢٨٢]؛قال مالك وغيره: إنما ذلك أن يدعي لما كان شهد به قبل ذلك، قال مالك: وأما قبل أن يشهد، فأرجو أن يكون في سعة إن كان ثم من يشهد له.
المتيطي: اختلف في قوله تعالي: {وَلا يَابَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}[البقرة:٢٨٢]، قيل: حين يكتب الشهادة، وقيل: إذا دعوا لأدائها، وقيل: المراد الأمران، وذكرها المازري، وعزا لمالك الثاني، وظاهر ما ذكرناه عنهم أن الأداء فرض عين لا كفاية.
وقال ابن عبد السلام: إن كان الذي تحملها عدد أكثر من النصاب، كان الأداء فرض كفاية، وإن كان مقدار النصاب فأقل؛ فرض عين.
قلت: والصواب: إن كان المحتملون أكثر من النصاب أن ينظر في كيفية تحملهم،