نقل ابن رُشْد عن المذهب وابن حبيب رادًا قول ابن حبيب كمن زوج وليته قبل أن يستأمرها بوضوح الفرق بينهما.
قُلتُ: ومع هذا فبقول ابن حبيب شرح ابن عبد السلام قول ابن الحاجب.
وسمع القرينان لمن جعل إنكاح وليته لمن طلب ذلك منه بجعل أو دونه عزله ولا يحل فيه جعل، ويرد ولو أنكحها، ويلزمها إنكاحه إن كانت بكرًا ذات أب أو ثيبًا، وقد سمي لها الزوج قبل العقد، وإلا لم يلزمها إلا بالبناء بها؛ لأنه رضى منها به لقول مالك فيمن فوضت أمرها لوليها، ولا يلزمها إنكاحه إياها من لم يسمه لها.
ابن رُشْد: حرمة الجعل؛ لأنه لما كان له عزله عن إنكاحها لم يدر هل يتم له غرضه بتركه عزله أو لا يعزله؟ فكان غررًا مع سلف جر منفعة، وهي رجاؤه حصول غرضه، وهو تزويجه إياها ممن أحب، ولو لم يكن له عزله لا جعل الجعل؛ جاز على قول سَحنونفي البكر والثيب، ولو لم يسم لها الزوج، وعلى قول مالك في البكر والثيب: إن كان سمي لها الزوج لحصول غرضه وهو الإنكاح.
قُلتُ: في هذا التخريج نظر؛ لأنه على فرض لم يعلم من قاله معينًا ولا مبهمًا.
قال: وسمع عيسى إجازة ابن القاسم: أن يعطي الرجل آخر جعلًا على أن يوليه بعض سلعته؛ لأنه لم يجعل له رجوعًا في ذلك؛ لأن الحق فيه له لا لغيره والنكاح الحق فيه للزوجة.
وفرق بعضهم بأنه في النكاح جعل على ما لا منفعة فيه لدافع الجعل، وله في البيع منفعة؛ إذا قد يشترط على المشتري أكثر من الجعل؛ فينتفع بالزيادة.
ولو شرط في النكاح شيئًا لنفسه؛ كان للزوجة، وكان يغرب بهذا القول واهتدائه إليه، وهو وهم؛ لأن المشترط في البيع للبائع؛ لأنه كالنكاح.
قال: وتشبيه ابن القاسم مسألة من وكل على إنكاح وليته المالكة أمر نفسها يزوجها من لم يسمه لها بمسألة من فوضت أمرها لوليها غير صحيح؛ لأنهما مفترقان، أما من زوج وليته قبل أن يستأمرها، أو وكل من زوجها، كذلك فلا خلاف أنه لا يلزمها.