قلت: قولها: من تزوج صغيرة بعد صغيرة، فأرضعتهما أجنبية؛ فليختر إحداهما، ويفارق الأخرى، ولا يفسد عقد نكاحها، كما فسد عقد متزوج الأختين في عقد لفساد العقد فيهما وصحته في هاتين إشارة لرد ما قال ابن بكير؛ لأن مجرد عقد كل نكاح منهما مغاير له من حيث اجتماعهما ضرورة أن الشيء في نفسه ليس كما هو مع غيره، فعقد كل منهما من حيث مجرد ذاته باق على حليته، ومن حيث اجتماعه مع الآخر محرم بما حدث من الأرضاع، فوجب إزالته بتركه إحداهما؛ كمالك رغيفين يكفيه أحدهما حضره من وجبت مواساته بأحدهما فورًا.
وقول ابن بكير: يلزم الترجيح دون مرجح، يجاب بأن أراد في تعلق الحكم منع؛ لأنه متعلق بمتحد هو اجتماعهما أو الزائد على واحدة منهما، وإن أراد في تحصيل متعلق الحكم؛ رد بأنه بخيرة المكلف كالمواساة بأحد الرغيفين، وخصال الكفارات، وتماثل أقدار الزكوات، وقاعدة أصولية المخير فيه.
قلت: ما ذكره ابن رشد من الملازمة بين كون الفرقة بطلاق والغرم عزاه عبد الحق للقابسي قال: وقال بعض شيوخنا على قول ابن القاسم: الفرقة بطلاق؛ لأن الزوج هو الذي اختار الفسخ فيمن أراد تركه منهن، وليس كل موضع تكون الفرقة فيه بطلاق؛ يكون فيه الغرم، وما ذكره من الاتفاق في فراق كلهن، قاله عبد الحق، وزاد أبو حفص: يلزمه في كل واحدة طلقة.
قال: ولو اختار إحداهن وطلقها؛ كان عليه نصف المهر، ولا شيء للبواقي، ولا طلاق فيهن.
قلت: ظاهره اتفاقًا، وليس كذلك لا فرق بين اختياره إحداهن دون طلاق أو مع طلاقها.
عبد الحق والصقلي: لو مات قبل أن يختار؛ كان لهن مهر واحد بالسوية اتفاقًا.
قلت: يريد: أن لكل واحدة ربع مهرها، ونقله ابن عبد السلام بزيادة: والإرث بينهن كذلك، ولم أجده، وجريه على الإرث فيمن أسلم على عشر واضح أو أحروي لأصالة صحة عقد المراضع.