كبيعها خدمتها إن حلف؛ فلربها رد محاباتها، وليس كزناها؛ لأنه لو اغتصبها، أو زنت؛ لم يغرم مهرًا؛ بل ما نقصها، فإن لم ينقصها شيء؛ لم يغرم شيئًا، ولو كان النكاح كالزنى؛ لخير ربها في أخذ ما نقصها الوطء أو مهر المثل؛ كما لو وهبت خدمتها، فنقصت لذلك؛ لخير ربها في أجر المثل، أو ما نقصتها الخدمة، ومن قال: لها ربع دينار؛ رأى غرورها جناية، وإن كان فيه إذن من المجني عليه، فوضع عنه المهر.
وفي الموازية: مثله في العبد يدفع له ما يصنعه، فيتعدى عليه، فجعله جناية في رقبته.
وسمع سحنون ابن القاسم: إن غرت أمة من نفسها من تزوجها بضعف مهر مثلها، واستحقت بعد البناء؛ فسخ نكاحها، ولها مهر مثلها، وترد ما زاد عليه، ولو كان أصدقها ربع دينار، أو أقل من مهر مثلها، وكانت بكرًا فافتضها، وقيمة عذرتها أكثر من المسمى؛ فليس لها غيره إلا أن يصدقها أقل من ربع دينار، أو لم يصدقها شيئًا؛ فلها مهر مثلها.
سحنون: وقال غيره مثله إلا أنه قال: إن أصدقها ضعف مهر مثلها؛ أعطيت ما بين مهر أمة وحرة نصف مهر أمة، ونصف مهر حرة.
ابن رشد: قول ابن القاسم: لها مهر مثلها، ويؤخذ منها الفضل هو نص قول ابن القاسم فيها، وعليه ينبغي حمل قول مالك فيها، وإن كان ظاهره خلافه؛ إذ لا يصح أن يترك لها ما زاد على مهر مثلها وهي غارة، والقياس إن لم يراع حق سيدها أن لا يكون لها إلا ما يستحل به فرجها؛ كالحرة الغارة بعيبها، وقاله ابن أبي حازم، وإنما يستقيم أن لها مما أصدقها مهر مثلها على ما لابن القاسم في الموازية: أنه إن أصدقها أقل من مهر مثلها؛ كان لها تمامه لحق السيد، وتسويته بين أن لا يصدقها شيئًا، وبين أن يصدقها أقل من ربع دينار في أنها ترجع إلى مهر المثل يدل على أن النكاح بأقل من ربع دينار نكاح فاسد يفسخ قبل البناء، ويثبت بعده بمهر المثل، ولا خيار فيه للزوج مثل قول غيره فيها خلاف قوله فيها: وقيل: يفسخ قبل البناء، وقع في بعض روايات المدونة.
قلت: أخذه هذا يرد بأن ابن القاسم إنما قاله في هذه المسألة: الفاسد نكاحها لا من غير صور المهر عن ربع دينار، وهو تزويج الأمة دون إذن ربها.