يقبل منه ما أتى به بعد ذلك من حجة؛ لأنه رد من قوله: قبل نفوذ الحكم عليه.
قال ابن عبد السلام: التعجيز في النكاح مشكل؛ لأنه يتضمن حقًا لله في لحوق الولد وغير ذلك.
قلت: لما حكى ابن سهل القول بالتعجيز قال: إلا في ثلاثة: العتق والطلاق والنسب، قاله مطرف، وابن وهب، وأشهب، وابن القاسم.
قال ابن سهل: وشبهها الحبس وطريق العامة، وليس النكاح منها لما في سماع أصبغ، وبالتعجيز فيه أفتى ابن لبابة، وابن وليد، ومحمد بن غالب، ومحمد بن عبد العزيز، وأيوب بن سليم، وأحمد بن يحيى، وأشار إلى استدلالهم بسماع أصبغ.
قال ابن سهل: ولا يضرب فيه من الآجال ما يضرب في الحقوق لما في عقل الفروج من الضرر الذي ليس في الأموال.
قلت: فقوله: لا يضرب فيه من الآجال ما يضرب في الحقوق، عكس استشكال ابن عبد السلام التعجيز فيه، وجوابه: أن منع التعجيز؛ إنما هو فيما ليس للمكلف إسقاطه بعد تقرر ثبوته، والنكاح ليس من ذلك للمكلف إسقاطة إجماعًا وأحكامه، واللد الممتنع إسقاطهما؛ إنما بعد ثبوتها، والتعجيز إنما يتعلق بما فيه الخصومة، والنزاع وهو النكاح نفسه لا أحكامه. فتأمله.
وسمع يحيى ابن القاسم: من ادعت في ميت أنه زوجها ببينة على إقراره في صحته أنها امرأته كان أصدقها كذا، ولم تشهد البينة بإقرارها بذلك في حياته إن كانت في ملكه وتحت حجابه قبل قولها، وإن كانت منقطعة عنه بمسكنها؛ فلا مهر لها ولا إرث؛ إذ لو ماتت؛ لم يرثه بذلك الإقرار حتى يعرف إقرارها ما ادعاه مع شهرة ذلك وإعلانه، وتقادم إدعائه ذلك، ولو ادعت كونها في عيال ببينة على إقراره أن له امرأة لم يسمعها ولا عرفوها، ولا أدعى زوجيته غيرها؛ فلا إرث لها؛ لأنها شهادة غير قاطعة.
ابن رشد: لثباته إرثها بإقراره، وكونها في ملكه؛ لأن ذلك كإقرارها بنكاحه، ولو ماتت لورثها على سماع عيسى فيمن ابتاع جارية، فولدت منه أولادًا، فكان يخبر الناس أنه تزوجها، ويحلف بطلاقها، وقيل: إنما ثبت إرثها لظهور الولد بعد إقراره بنكاحها، ولو لم يكن ولد؛ لم ترثه بكونها تحت حجابه؛ لأنها على ذلك بأصل الملك، ولو تقارا