وضعف ابن دحون قول سحنون بأن الأمة لا تخلو عن كونها زوجة على دعوى من هي بيده أو أم ولد على دعوى ربها؛ فهي مباحة له؛ لأنه لو قال رجل: كنت أولدت إمائي كلهن، وتزوجتهن كلهن إلا واحدة لا أدري هل هي زوجة أو أم ولد؟ لم يمنع من وطئها؛ لأنه حلال على أي وجه كانت.
ابن رشد: تضعيف ابن دحون ضعيف؛ لأن الشراء والتزويج لم يصحا، وانفسخا بيمين كل منهما على تكذيب صاحبه؛ فلا يصح لحاكم أن يقرها بيد من هي بيده بدعواه تزويجها لانفساخه بيمين من هي بيده، ولاحتمال كذبهما معًا، وما نظرها به ابن دحون لا يشبهها؛ لأن من شك في المرأة هل هي زوجة أو أم ولد؟ لا شك في حليتها له، والحاكم في مسألتنا يشك في حليتها؛ لاحتمال كذبهما كما قررناه، وقول سحنون: الولد أحرار مفسر لقول مالك.
قلت: هذا يضعف قول ابن رشد، ويصحح قول ابن دحون؛ لأن الحكم بحرية الولد؛ حكم يلازم الدعويين، وإلا لزم رقه؛ لأن أمة أمة، فكما حكم بلازمهما في الولد، فكذا في حلية وطئها من هي بيده.
قال: وقوله: نفقته عليها صحيح، فإن عجزت؛ أنفقا عليها أو أعتقاها، ولا توقف بغير نفقة.
وقوله: إن ماتت؛ أخذ ربها من تركتها الثمن؛ صحيح، لإقرار من هي بيده أن جميع تركتها لربها، وباقيها موقوف من كذب منهما نفسه أولًا، ورجع لقول صاحبه أخذه.
وقول أصبغ: إن مات من ادعى تزويج الأمة قبلها؛ عتقت صحيح لإقرار ربها أنها أم ولد له، وكذا قوله: إن ماتت بعد ذلك لا يكون لربها من مالها شئ؛ لأنها ماتت حرة، فيرثها عصبتها الذين يرثون ولاءها لإقرار سيدها أنها أم ولد، ولا حق له قبلهم، إنما حقه قبل الميت الذي أدعى أنه باعها منه.
قلت: وفي الرسم المذكور مسألة إثر هذه المسألة هي: قال سحنون: لو قال حائزها: اشتريتها، وقال ربها: زوجتكها؛ فالقول قوله، وولدها رقيق ينسب لأبيه.