واستدل بعض الشيوخ من هذه المسألة على أن من التزم لامرأته إن تسرر عليها، فأمر السرية بيدها إن شاءت باعتها عليه، أو أمسكتها له أن البيع لا يلزمه فيها، خلاف قول ابن العطار، ووجه هذا الاستدلال: أن الصدقة إذا كانت لا تلزمه؛ فأحرى ألا يلزمه البيع، وليس بالبين؛ لأن المعنى في الصدقة والبيع مفترق، والوجه في عدم لزوم البيع أنها وكالة عليه، وللموكل عزل الوكيل متى شاء، هذا ما حفظناه عن الشيوخ، ولا يبعد عندي أن لا يعزلها؛ لأنها لما نكحته على ذلك، فقد أخذ عليها عوضاً؛ فلزمه كالمبايعة.
وسمع ابن القاسم: من خطب امرأة على إن تزوج عليها أو تسرى؛ فهي طالق وحضره شهود، ثم تفرقوا، وترك ذلك، وقد شهدوا على إقراره، وكتبوا به كتاباً أخذته المرأة، ثم خطبها بعد ذلك، فتزوجها بشهود أخر، فطلبته المرأة بالشرط، فقال: تركت الأمر الأول، ونكحت نكاحاً آخر دون شرط؛ فالشرط لازم إلا أن يقيم بينة بذلك.
ابن رشد: معناها: أن نكاح الخطبة الأولى لم يتم بعد كتب الشروط، وقبض المرأة الكتاب تنظر فيه، ثم بعد ذلك تزوجها دون ذكر الشروط، فألزمه إياها؛ لأن خطبته باقية مبنية على الأولى إلا أن تشهد بينة أنه إنما خطبها على غير شرط، ولو قارن شرط ما لا عقد يمين فيه حط شيء من المهر، ففي استحباب الوفاء به ووجوبه ما تقدم، وعلى المشهور في نكاحها الأول: من نكح على ألا يتزوج عليها، أو لا يتسرر أو لا يخرجها من بلدها؛ جاز النكاح، وبطل الشرط، وإن وضعت عنه لذلك من صداقها في العقد؛ لم ترجع وبطل الشرط إلا أن يكون فيه عتق أو طلاق، ولو شرطت عليه هذه الشروط بعد العقد، ووضعت عنه لذلك بعض صداقها؛ لزمه ذلك، فإن أتى شيئاً من ذلك؛ رجعت عليه بما وضعت.
وسمع القرينان: من نكحت بأربعمائة دينار على وضع نصفها، ولا يخرجها من المدينة، ثم طلبت ما وضعت لإرادته إخراجها إن سمى لها أكثر من مهر مثلها؛ فلا رجوع لها عليه بشيء مما وضعت، وإن سمى قدر مهر مثلها؛ فله إخراجها، وترجع بما وضعت.
ابن رشد: ظاهر هذه الرواية؛ إنما وضعت في العقد للشرط من مهر مثلها لا