لا تترتب عليه ثمرة بحال، وقواعد المذهب الضرورية تنفيه حسبما تقدم، وما تقدم من كلام ابن رشد في سماع أبي زيد وتعقبه على ابن القاسم رعي الخلاف في عدم فسخ النكاح وقصره رعيه على الإرث، والطلاق يؤيد ما قررناه في رعي الخلاف، واعتبار اللازم وألغاء الملزوم ومن لم يفهم ما قررناه لم يتضح له فهم كلام ابن رشد، وتفرقته بين ما هو شاذ، وما هو مشهور في رعي الخلاف.
قال: الوجه الثالث على تسليم ما قلتم فالسؤال باق، فإنه وإن كان كما قررتم فلقائل أن يقول هو أيضا من باب إثبات الملزوم، وهو فساد النكاح الملزوم لانقطاع الإرث على قول مالك بمقتضى دليل نفسه، ويلزم من إثبات الملزوم إثبات اللازم، ومن باب نفي اللازم، وهو انقطاع الإرث فينتفي هذا الانقطاع رعيا لدليل المخالف، ويلزم من نفي اللازم نفي الملزوم، وإذا كان ثابتا في المعقولات أن إثبات الملزوم مع نفي لازمه أو نفي اللازم مع إثبات ملزومه باطل فكذلك مسألتنا، وليس جعلكم إياها من باب نفي الملزوم أو من باب إثبات اللازم بأولى من جعلها من باب إثبات الملزوم أو من باب نفي اللازم.
قلت: حاصله المعارضة في الحكم حسبما فسره أهل النظر، وهو قول السائل للمستدل ما ذكرت من الدليل، وإن دل على ثبوت الحكم في صورة النزاع فعندنا ما يدل على نفيه، وذلك بادعائه أن فساد النكاح ملزوم لعدم الإرث، فحينئذ يؤول الأمر إلى الحكم بثبوت الملزوم مع نفي لازمه، وإلى الحكم بنفي اللازم مع الحكم بثبوت ملزومه، وجوابه من وجهين:
منع كون الفاسد ملزوما لنفي الإرث، وسند المنع أن الملزوم لأمر لا بد من علاقة بينه وبين ذلك الأمر تقتضي ربط أحدهما بالآخر، وبهذا فرق الأئمة بين الشرطية اللزومية وبين الشرطية الاتفاقية كقولنا كلما كان الإنسان ناطقا كان الفرس صاهلا، ومن نظر وأنصف علم أن النكاح الفاسد باعتبار ذاته لا علاقة بينه وبين عدم الإرث؛ بل عدم الإرث معه ثابت بالأصل، وعلم أن نسبة النكاح الفاسد إلى عدم الإرث كنسبة النظر الفاسد إلى عدم العلم والمنصوص لأئمتنا أن النظر الفاسد لا يستلزم الجهل بحال، وأن حصول الجهل عقبه اتفاقي.