وفيها لمالك: لما جاز للأب والوصي إنكاح الصغير المرأة الموسرة رغبة له، فكذا يطلقان عليه بالمال، ثم قال: لا يجوز أن يطلق على ابنه الصغير إنما يجوز أن يصالح عنه، ولم يجز طلاقه؛ لأنه ليس موضع نظر في أخذ شيء له إنما الطلاق بالمعنى الذي دخل منه النكاح المغبطة فيما يصير إليه، ولا يطلق السيد على عبده الصغير إلا بخلع يأخذه.
وروى ابن نافع فيمن زوج وصيفه وصيفته قبل البلوغ تفرقته بينهما على وجه النظر، والاجتهاد قبل بلوغهما جائز، وقال ابن نافع: لا يجوز إلا على وجه الخلع.
ابن رشد: ذو عقد حرية على عدم جبره على النكاح لا يخالع عنه، وعلى جبره في الخلع عنه قولان، وفي خلع الولي عن سفيهه البالغ بغير أمره سماع ابن القاسم في الجنايات مع ابن رشد عن دليل نكاحها الأول، وابن حبيب وابن الماجشون مع قولها في إرخاء الستور، وجعل ابن الحاجب الأول المشهور، وعكسه ابن فتحون، وبأمره جائزة ماضية.
وفي السيد عن عبده البالغ نقلا ابن بشير، وجعله الأول المشهور خلاف ظاهرها، وقول ابن فتحون: العبد البالغ كالسفيه، وقول ابن شاس اختلف في صحة خلع السفيه لا أعرفه. قال: وعلى صحته لا يبرأ المختلع بتسليم المال إليه؛ بل إلى الولي، وقال اللخمي: إن كانت رشيدة والزوج سفيه مضى الخلع؛ لأن الطلاق لا يرد، وإن كان في الخلع غبن كمل له خلع المثل.
قلت: فيجب صرف الخلاف الذي نقله ابن شاس لتكميل خلع المثل لامتناع رفع الطلاق، وتفسير ابن عبد السلام كلام ابن الحاجب مجمل، وظاهر كلام الموثقين براءة المختلع برفع الخلع للسفيه دون وليه. قال ابن فتحون والمتيطي: لا يفتقر المبارئ للوصي؛ لأن الطلاق إنما هو للسفيه بخلعه يأخذ منها أو يسقط دينا عليه فلا إذن للوصي في ذلك.
قلت: لأنه عوض عن غير متمول السفيه مستقل به فصار كهبة خلع المريض تام، وفي إرثها إياه المنصوص، وتخريج اللخمي من قول المغيرة: من حلف ليقضين فلانًا حقه فحنث في مرضه بمال طرأ له لم يعلم به حتى مات لم ترثه، ونفي التهمة في خلع