للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستغرق إبطال العام، والقياس بما يستغرق إبطال العام لا يجوز؛ لأنه يؤدي إلى النسخ بالقياس؛ وذلك غير جائز، وصدق السلف على دفع شيء مثله، وتأخير ما حل سواء كصدقة على سلف ثوب وعبد.

وذكر غير واحد من شيوخ بلدنا أن بعض الطلبة ذكر في مجلس تدريس بعض شيوخهم في كتاب الآجال من المدونة قول ابن القاسم هذا فأنكر عليه، فقال: اللخمي حكاه، فلما اقضى المجلس نظر أهله كلام اللخمي في بيوع الآجال حيث ذكرها في المدونة فلم يجدوا للخمي ما ذكره عنه، فلما كان من الغد قالوا له ذكرت عن اللخمي غير صحيح إذ لم يذكره في محله، فانفصل الطالب عنهم في غم شديد، فلما نام من الليل رأى في نومه الشيخ أبا الحسن اللخمي فقال له ياسيدي نقلت عنك كذا وذكر له القصة، وكون الطلبة نظروا كتابه في بيوع الآجال، ولم يجدوا فيه ذلك النقل، فقال له ذكرته في فصل الخلع فانتبه الطالب فرحاً، فقام في ليله، ونظر الكتاب فوجده كما نقل، فلما أصبح ذكر ذلك لأهل المجلس، واشتهرت قصته، وفضل الله عليه برؤيته المذكورة.

وخرجه ابن عبد السلام على القول الشاذ ببراءة الذمة، وإن صرف ما في الذمة يجوز قبل حلول أجله.

قال: فيجوز الخلع والتعجيل كما لو حل الأجل.

قلت: وهذا التخريج عند من تأمله يوجب جوازه كثير من صور المنع كبيع سلعة من مدين على أن يجعل دينه، ونحوه من مسائل بيوع الآجال وكتب السلم وغيرها، وتقرير تخريجه أن نقول التعجيل موجب لبراءة الذمة في مسألة الصرف عند مجيزه، وإلا لما أجازه لمنع التأخير الجواز في الصرف؛ فيجب أن يكون للتعجيل في مسألة الخلع موجباً لبراءة الذمة عملاً بملازمة المعلول علته وكلما ثبتت براءة الذمة في مسألة الخلع انتفى عنها حقيقة السلب لانتفاء لازمه وهو عمارة الذمة، وإذا انتفى حقيقة السلف عنها وجب جوازه إذ لا مانع فيها إلا سلف جر نفعاً، وإذا انتفى مطلق السلف انتفى أخصه وهو ما جر نفعاً.

وجوابه أن نقول إنما كان التعجيل في مسألة الصرف موجباً لبراءة الذمة لاشتماله

<<  <  ج: ص:  >  >>