للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القاسم من مات فشهدت بينة أنه كان طلق امرأته البتة في صحته ورثته كمن طلق في مرضه؛ لأن الطلاق إنما يقع يوم الحكم، ولو وقع يوم القول كان فيه الحد إن أنكر الطلاق وأقر بالوطء.

قلت: سمع ابن القاسم من شهد عليه أنه طلق امرأته البتة وقد ماتت لا يرثها، ولو كان قد مات ورثته.

سحنون: معناه أن الشهود كانوا قياماً معه فلم يقوموا حتى مات.

ابن رشد: قول سحنون غير صحيح، لو كان كما قال لبطلت شهادتهم وورث كل منهما الآخر، وسبب وهم سحنون هو ما في المدونة من الأيمان بالطلاق ليحيى بن سعيد في شهود شهدوا على رجل بعد موته أنه طلق امرأته لا تجوز شهادتهم إن كانوا حضوراً ولامرأته الميراث، وكذا كان يقول يحيى بن سعيد: لو ماتت هي أن له الميراث لسقوط شهادتهم بحضورهم، ومعنى مسألة مالك أن الشهود كانوا غيبا، وكذا هو في رسم حمل صبياً من سماع عيسى من الأيمان بالطلاق، ومالك أحق بتبيين ما أراده، ووجه تفرقته هو أنه إذا كان الميت فلم يعذر إليه في شهادة الشهود، ولعله لو أعذر إليه فيهم لأبطل شهادتهم، فرأى لها الميراث؛ لأن الشهادة لا يحكم بها إلا بعد الإعذار، وإن كانت هي الميتة أمكن أن يعذر إليه، فإن عجز عن الدفع وجب الحكم بالطلاق يوم وقع فلم يكن له ميراث منها.

وقال محمد: إنما ورثته ولم يرثها؛ لأنه كالمطلق في المرض؛ لأن الطلاق وقع يوم الحكم، ولو لم يقع يوم الحكم كان فيه الحد.

قال أبو إسحاق: هو كلام فيه نظر؛ لأن الحاكم إنما ينفذ شهادة البينة وهي تقول: إن الطلاق وقع قبل الموت، وإنما درئ الحد للشبهة إما لنسيانه، وإما لإمكان أن يكون صادقاً في تكذيبه البينة، ولو كان الطلاق وقع بعد الموت لورثها هو أيضاً.

والقياس أن لا ترثه كما لا يرثها؛ لأن الإعذار يجب لهما معاً، فكلما لا يرثها وإن لم يعذر إليها لا ترثه وإن لم يعذر إليه، وهو قول سحنون ويحيى ابن عمر.

المتيطي: قول ابن إسحاق معترض بأنه يلزم عليه أن لو شهد أربعة على رجل بالزنا وأنكرها أنه يسقط عنه الحد لإمكان صدقه وهذا لا يقوله أحد.

وذكر الأبهري المسألة على ما تقدم من التفرقة بين موته وموتها، وقال: يحتمل أن يكون معنى المسألة أنه طلقها في مرضه ثلاثاً فترثه ولا يرثها.

<<  <  ج: ص:  >  >>