ابن رشد: هذا اعتراض غير صحيح وهل فيه الشيخ على رسوخ علمه وثاقب ذهنه، ولا معصوم من الخطأ إلا من عصمه الله تعالى؛ لأن المسألة ليست كمسألة من قال أنت طالق عن لم أتزوج عليك، وإنما هي كمسألة من قال إن تزوجت عليك فأنت طالق؛ لأنه لم يطلق إلا على الثانية لا الأولى فوجب أن تطلق بأقل ما يقع عليه اسم زواج، وهو العقد على قولهم الحنث يدخل بأقل الوجوه، والبر إنما يكون بأكمل الوجوه.
قلت: الأظهر ما قاله ابن دحون، وبيانه أن تزويج الثانية إما أن يوجب طلاقاً أو عدم وقوعه بيمين به، والأول باطل اتفاقاً فتعين الثاني، وكل تزويج يوجب عدم وقوع طلاق بيمين مشروط بالبناء فيه أصله الحالف بالطلاق ليتزوجن، وقول ابن رشد:"فوجب أن تطلق بأقل ما يقع عليه اسم زواج" وهم؛ للاتفاق على أن التزويج في المسألة لا يوجب طلاقاً ما لم يتيقن كونه آخراً، والفرض عدم تيقنه، وإنما يقع في عدم تيقنه بحكم الإيلاء.
الشيخ عن الموازية: إن قال آخر أنثى أتزوجها طالق إلا واحدة؛ يريد تطليق ما يلي الآخرة، إن تزوج امرأة وقف عنها، ثم إن تزوج ثانية وقف عنها مع الأولى إذ لا يدري من يلي الآخرة منهما إن مات، فالمطلقة الأولى وإن تزوج ثم مات فالمطلقة الثانية لا الأولى، ولو قال فالتي تلي التي تلي الآخرة طالق حتى تكون ثالثة منها أمسك عنهن حتى يتزوج رابعة فتحل له الأولى إن مات في هذه الحالة فثانية الأولى هي المطلقة، ولو قال أول امرأة أتزوجها طالق، فتزوج امرأة بانت منه، ولها نصف الصداق وسقطت يمينه.
وعن مالك وابن القاسم من قال كل امرأة أتزوجها من البادية لا أنظر إليها طالق فعمي، لا أحب تزويجه من البادية ولا من خرجت منها فسكنت بغيرها أربعة عشر سنة كما لو كان بصيراً.
قلت: الأظهر أن كمال وصفها له من ذي خبرة بالجمال يبيح تزويجه إياها لعجزه عن نظرها.
قال: ولو قال كل امرأة أتزوجها لا أنظر إليها طالق فعمي رجوت أن لا شيء