عليه؛ لأن قوله إلا اثنتين يرفع استغراقه؛ لأن الاستثناء من النفي إثبات.
قُلتُ: هذا هو تعليل ابن شاس في المسألة الأولى فلعله وهم في فرضها بقوله إلا واحدة، وقول ابن عبد السلام بعد اختياره في المسألة الأولى لزوم الثلاث، وبعد أن كتبت هذا وجدت للمازري في كتاب الإقرار نقل عن العلماء في هذه المسألة ثلاثة مسالك، مسلكان مثل ما ذكر المؤلف وثالث مثل ما اخترناه وهم؛ لأن المسألة التي ذكر المازري إنما هي طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً إلا اثنتين.
ابن شاس: وفي طالق ثلاثاً إلا اثنتين إلا واحدة طلقتان.
قُلتُ: في النوادر رأيت للقاسم بن سلام مسألة على أصولنا فذكرها، وسمع عبد الملك أشهب في أنت طالق البتة إلا واحدة هي اثنتان.
ابن رُشد: هذا على أنها تتبعض وتقدم ما فيه، ولو استثنى من أكثر من ثلاث ففي إجرائه على ظاهره ما لم يعارضه عرف فيجب، وقصره على ثلاث للغو الزائد عليها شرعاً وكذا في المستثنى، ثالث الطرق لغوه في المستثنى منه ما لم يكن المستثنى أقل من ثلاث، لابن رُشد وسحنون والمازري في نازلة لسحنون في أنت طالق أربعاً إلا ثلاثاً ثلاث كأنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً؛ لأنه يعد نادماً، وكذا طالق مائة إلا تسعة وتسعين هي البتة؛ لأن الثلاث دخلت في العدة التي استثنى.
ابن رُشد: طالق أربعاً إلا ثلاثاً استثناء لأكثر الجملة.
قيل: بمنعه والصحيح جوازه، وعليه في قوله أربعاً إلا ثلاثاً تلزم واحدة، ويحتمل أن يلزم عليه ثلاث؛ لأن استثناء الأكثر وإن جاز لغة فليس بمستعمل عرفاً، وإذا لم يستعمل عرفاً حمل قائله على عدم إرادته؛ بل على الندم وعلى منع استثناء الأكثر تلزمه الثلاث، هذا إجراء المسألة على الأصول ولم يقله سحنون ونحا لجعل الزائد على الثلاث كالعدم للغوه شرعاً وهو بين من قوله: لأن الثلاث دخلت في العدة التي استثنى، فعلى قوله لو قال طالق مائة إلا طلقة كانت اثنتين؛ لأن الطلقة المستثناة على مذهبه إنما تقع مستثناة من الثلاث، إذ قوله مائة عنده كقوله ثلاث، والأظهر على مذهب ابن القاسم وغيره أن تكن ثلاثاً، ويجهل الطلقة التي استثنى مستثناة من المائة التي سمى فتبقى تسعة وتسعون يلزمه منها ثلاث.