قُلتُ: وقول أصبغ: "لو حلف لغريمه: لو جئتني أمس لقضيتك حقك فهو حانث؛ لأنه غيب لا يدري أكان فاعلاً أم لا"، نص في خلاف نقل ابن عبد السلام عن بعض المتأخرين أنه لو حلف على واجب عليه لم يحنث اتفاقاً ولا أعرفه إلا من نقله، وقول ابن الحاجب فيما يأتي في إن صليت، ورده بان مقتضى حنثه عند ابن القاسم إنما هو حصول الشك في العصمة قبول منه لنقل ابن الحاجب عن ابن القاسم التحنيث في الممكن خلاف تعقب القرافي إياه، هذا إن أراد بأقل الاتفاق الوجوب الشرعي، ولو أراد العادي لصح الاتفاق فيما أظن كقوله امرأته طالق لو لقيني أمس أسد دون سلاح لي لفررت منه.
وهو مقتضى نص ابن بشير قال: في لو كنت حاضراً لفقأت عينك، الرواية حنثه؛ لأنه حلف على ما لم يبر فيه، ولو كان يعلم أنه يقدر على ذلك فينبغي أن لا حنث عليه، وكذا إن قصد المبالغة لا فقئ العين.
قُلتُ: في اقتصاره على أنه يعلم قدرته عليه نظر إذ ليس كل مقدور عليه فيما مضى يعلم بإرادة فاعله بالفرض فعله؛ بل الشك فيه قائم لجواز مانع أو تبدل إرادته حينئذ، وكذا إن قصد المبالغة فالاحتمال قائم؛ لأن ما به المبالغة وإن كان مقدوراً عادة فوقوعه منه في الماضي مشكوك فيه؛ بل الحق في صورة الاتفاق ما فرضناه.
ولو علقه على محال كإن شاء هذا الحجر ففي لزومه طلاقها نقل اللخمي عن سحنون وابن القاسم، ونقلهما الصقلي عن القاضي روايتين، وللشيخ عن ابن القاسم مرة كسحنون.
اللخمي: وعليهما قوله إن هذا الحجر، ولمحمد عن أصبغ من قال في منازعة امرأته أنت طالق أن هذا لعمود، هي طالق إن لم تكن منازعتهما في العمود.
اللخمي: أرى أن يحل في جميع ذلك ويبرأ إن قامت عليه بينة، وإن جاء مستفتياً فلا يمين عليه إلا أن تدعي الزوجة ندمه فيحل، وجعل ابن الحاجب: أنت طالق إن شاء زيد فمات كإن شاء هذا الحجر لا أعرفه؛ بل قول اللخمي: إن مات قبل أن يعلم أو بعد أن علم، وقبل أن يقضي أو يعلم هل قضي بشيء أم لا بقيت زوجة.