ابن رشد: قياسه الأول صحيح لا قياسه الثاني أنه كقوله إن شاء أبي؛ لأن وقف الطلاق على مشيئة الأب صحيح ورفع مشيئة الأب الطلاق غير صحيح، ولا ينبغي جعل لفظ رفع المشيئة الطلاق بمعنى وقعاً الطلاق على مشيئته؛ لأنه ضده إلا أن يدعي أنه نوى ذلك فينوي إن جاء مستفتياً، ولا يصح على أصولهم أن ينوي مع البتة فضلاً عن أن يحمل يمينه عليه إذا لم تكن له نية، ووجه قول أصبغ أنه لما كان قوله إلا أن يئاء إلا أن يمنعني لغواً لا أثر له في الطلاق حمل على إرادته به إن شاء أبي لعدم تفرقة العوام والجهال بين هذه الألفاظ، فهذا يشبه أن يفتي به الجاهل على أن من قوله في نوازله ليست الجهالة بأحسن حالاً من العلم في الطلاق، فقوله بكل حال ضعيف وما ذكرناه من معنى لفظه هو أظهر محتملاته، ويحتمل أنه أراد امرأتي طالق لا ألزم نفسي ذلك إلا أن يشاء أبي، وإليه نحى أصبغ بجعله كإن شاء أبي، ويحتمل وجهاً ثالثاً، وهو أن يريد امرأتي طالق إن فعل فلان كذا، وإن لم يفعل فلان كذا وكذا، كمن حلف على غيره أن يفعل فعلاً فيحال بينه وبين امرأته ويدخل عليه الإيلاء أويتلوم له على الخلاف في ذلك، إن أراد الحالف أحد هذه الوجوه حملت عليه يمينه، وإن لم تكن له نية فيختلف على أنها يحمل.
قلت: قولها في النذور من قال على المشي إلى بيت الله إلا أن يبدو لي أو أرى خيراً من ذلك لا ينفعه استثناؤه.
الصقلي: وكذا في الطلاق والعتق. قال إسماعيل القاضي ما رواه ابن القاسم في المشي إنما هو في قوله على المشي إلا أن يشاء الله، ولا يشبه قوله إلا أن يبدو لي أو أرى خيراً من ذلك، واستحسنه بعض فقهائنا وقال: ما قوله إلا أن يبدو لي إلا كقوله إلا أن ياشء فلان، فكما لا يلزمه إلا أن يشاء فلان فكذا لا يلزمه إلا أن يشاء هو.
التونسي لم ينفعه استثناءه بقوله إلا أن يبدو لي؛ لأنه لم يضفه إلى فعل لم يقع؛ بل إلى وجوب شيء قد الزمه نفسه فليس له ذلك كالقائل أنت طالق إلا أن يبدو لي، ولو قال أنت طالق إن شئت كان له ذلك.
قلت: ففي لزوم الطلاق بقوله طالق إلا أن يشاء فلان ولا نية له ووقفه على