للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنه لا يلزم من عدم دليل النص عدم دليل العل، وهو كون الحكم الشرعي قديماً يمنع تعليقه بعد تقرره بمقتضيه، وفرق بين تعليقه بعد تقرره وتعلق تقرره الأول مستحيل والثاني جائز، وعليه صحت التعاليق مطلقاً، وهذا بناء منه على أن معنى قول المؤلف شاءه الله شاء الحكم حسبما صرح به في قوله: إن أراد شاء حكم الله حكمه فصحيح، وهو نص منه بصحة تعلق إرادة الله لحكمه وليس كذلك، لأن الحكم قديم وكل مراد ححادث؛ بل معنى كلام المؤلف لفظ الطلاق بمجرده شاء الله؛ اي: شاء الله لفظ الطلاق، والضمير الفاعل في قوله فلا يقبل التعليق عائد على مفهوم من السياق، وهو الحكم بالطلاق أي شاء الله لفظ الطلاق فلزم تقرر الحكم بالطلاق عملاً بصيغته فلا يقبل الحكم بالطلاق بعد تقرره التعليق؛ اي: لقدم الحكم، وقوله: (بخلاف اليمين بالله)؛ أي: فيقبل التعليق؛ لأن المقصود من مدلول لفظ اليمين فعل أو كف وكلاهما حادث، وبما قررناه تتضح المغايرة بين وجهي التفريق، ولو علق معلقاً على أمر بمشيئة الله تعالى ففي لغو استثنائه مطلقاً أو لم يرد للمعلق عليه قولان للمشهور وابن الماجشون مع أصبغ وابن حبيب والشيخ عن أشهب، وصوبه غير واحد.

قال ابن رشد: أصح القولين إعماله؛ لأنه إذا صرفه للفعل فقد بر فلم يلزمه طلاق؛ لأنه علقه بصفة لا توجد وهو أن يفعل الفعل والله لا يشاؤه، وذلك باطل إلا على مذهب القدرية مجوس هذه الأمة، فعلى ابن القاسم في قوله درك عظيم.

قلت: هذه المسألة فرع بالنسبة لمسألة الاستثناء في اليمين بالله؛ لأنه فيها متفق عليه، وفي هذه مختلف فيه، ورده للفعل في هذه المسألة يحتمل تفسيره بأن تعلق مشيئة الله بالفعل يوجب تعلق الحلف به، أو بأن تعلقها به يمنع تعلق الحلف به، فابن رشد بناه على الثاني فلزم ما ألزم، ولقائل أن يقول مجيباً عن ابن القاسم بأنه على المعنى الأول، وحينئذ ينعكس الأمر في جري قول ابن القاسم على مذهب أهل السنة وقول غيره على مذهب القدرية.

فغن قلت: الاستثناء في اليمين بالله هو الأصل، وهو فيها على المعنى الثاني لا الأول.

قلت: بل على الأول وهو تقييد المحلوف عليه بأنه إن شاءه الله، سلمناه، إنما كان

<<  <  ج: ص:  >  >>