للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يجزما لزمهما الطلاق، وأجمل بعضهم النقل وأتى بما يدل على الخلاف في مسألة من حيث الجملة. قلت: ما حكاه من عكس النقل لا أعرفه، وإجمال النقل هو ظاهر سماع يحيى. وفيها: من أقر بفعل كذا ثم حلف بالطلاق ما فعله صدق مع يمينه، ولا يحنث، ولو أقر بعد يمينه أنه قد فعله ثم قال: كنت كاذباً لم ينفعه، ولزمه الطلاق بالقضاء.

قلت: مثله في رسم الدور والمزارع من سماع يحيى من كتاب النكاح، وفيه من شهد عليه قوم بحق أو فعل شيء ينكره فحلف بعد شهادتهم بالطلاق أنهم شهدوا عليه بزور حلف أنهم كاذبون ودين، فإن أقر بعد ذلك بتصديقهم أو شهد آخرون بصدق شهادة الأولين حنث في يمينه، وكذا لو حلف بالطلاق وإن كان لفلان عليه كذا وكذا، وإن كان كلم فلاناً اليوم فشهد عليه عدول بالحق أو بالكلام فقد حنث.

ابن رشد: أصل هذه المسائل في الأيمان بالطلاق منها، وتكررت في سماع ابن القاسم من كتاب الشهادات: ولا خلاف في شيء منها، والفرق بين أن يتقدم اليمين على ما يناقضه هو أن اليمين إذا تقدم فقد لزم حكمه، ووجب أن لا يصدق في إبطاله، وإذا تقدم الفعل ببينة أو إقرار لم يثبت لليمين بتكذيب ذلك حكم إذا لم يقصد الحالف إلى إيجاب حكم الطلاق الذي حكم به على نفسه إنما قصد تحقيق نفي ذلك الفعل.

قلت: الأصل أن ثاني المتنافين ناسخ لأولهما فيما فيه النسخ ورافع له في غيره، فإن تقدم الحلف كان ما بعده رافعاً لمدلول ما حلف عليه فكان إقرار بالحنث، وإن تأخر كان رافعاً ما قبله فلا حنث.

اللخمي: قال في الموازية إن قيل له: فلان وفلان يشهد عليك بكذا فحلف بالطلاق أن لا شيء عنده من ذلك ثم شهد عليه مل يحنث، وقال مالك: من شهد عليه شاهدان بريح خمر فحلف بالطلاق ما شرب خمراً حد ودين في يمينه، ولا تطلق عليه.

قلت: ظاهره دون يمين ولا ينقض فرع الموازية ما ذكرناه من الفرق؛ لأن حلفه فيه في حكم المتأخر عن الشهادة؛ لأنه أتى به رداً لها لما أخبر بها.

وفيها: لو لم تشهد البينة على إقراره بعد اليمين، وعلم أنه كاذب في إقراره بعد يمينه حل له المقام عليها بينه وبين الله، ولم يسع امرأته المقام معه إن سمعت إقراره هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>