بينونة فيمن لم تخالع إلا بالثلاث على المشهور، والفرق بينهما كالفرق بين قوله إن فعلت كذا فأنت طالق طلقة بائنة، وبين قوله أنت طالق ثلاثاً إن لم أطلقك طلقة بائنة لا تتقدر بينونة الأولى إلا بالثلاث، ويكفي في بينونة الثانية المبارأة.
وفي نوازل ابن الحاج: من قال لامرأته والله الذي لا إله إلا هو إن شاررت أمي وخرجت من الدار إن خرجت إلا كخروجها، فشاررتها وخرجت الأم لا يلزمه إلا كفارة يمين، بهذا أفتى أصحابنا وخالفهم الفقيه القاضي أبو عبد الله بن حمدين، وأرى أنها طالق ثلاثاً وقضى به على الحالف، ولما ذكر ابن رشد ما نقلناه عنه في مسألة القائل إن كان كذا فلست لي بامرأة.
قال كان بعض الناس يفتي من هذه المسألة في نازلة تنزل كثيراً، وهو قول الرجل لامرأته بالله إن فعلت كذا إن كنت لي بامرأة، ولا يراعى عقد يمينه، ويقول إنما معنى ذلك أنه حلف أنه قد طلقها وذلك لا يصح؛ لأنها يمين منعقدة يصح فيها البر والحنث، ومعناها والله أو علي المشي إن فعلت كذا وكذا لأطلقنك طلاقاً لا تكونين به بامرأة فيبر في يمينه بأن يباريها بطلقة تملك بها نفسها.
على مقدر بإن ونحوها ظاهر في تعليقه لا في بته ولا محتمل لهما خلافاً لابن رشد وسماع القرينين في التخيير من قالت لزوج ابنتها إنك مع ابنتي على حرام، فقال: لا، فقالت: بلى، فلما أكثرت عليه قال: إن كان ما تقولين حقاً فشدي يديك بها إلى آخر قوله، فإن نكل طلقت البتة.
ابن رشد: لأن النية التي ادعاها محتملة، فإن نكل طلقت ثلاثاً؛ لأن قوله شدي بها يديك إلى آخر كقوله رددتها إليك أو وهبتها لك وذلك يوجب البتات.
بعصمة لا يرتفع إلا ببتها بالثلاث لا بطلاقها وتزويجها غيره.
فيها: إن حلف بطلاقها إن أكلت هذا الرغيف فأكلته أو بعضه بعد أن تزوجها بعد طلاقه إياها وزواجها غيره حنث ما بقي من طلاق ملك حلفه شيء، فإذا تم لم يحنث بما أكلت عنده في الملك، وذكر ابن حارث إثر نقله نصها لابن القاسم وروى البرقي عن أشهب: لا يحنث إذا فعلت ذلك بعدما تزوجها، وشهدت أبا جعفر أحمد بن نصر يفتي بمذهب أشهب.