قلت: هذا خلاف نقل ابن رشد عن ابن القاسم في القسم الثالث.
قال اللخمي: ويختلف إذا شك هل طلق أم لا؟
فعلى وجوب وضوء من أيقن بالوضوء وشك في الحدث يحرم عليه هنا، وعلى استحباب وضوئه يستحب فراقه في تحرمه الوجوب نظر؛ لأن الوضوء أيسر من الطلاق، ولأن أسباب نقض الوضوء متكررة غالبة بخلاف أسباب الطلاق، ولما حكى ابن عبد السلام التفريق بمشقة الطلاق دون الوضوء.
قال: ما أشار إليه في المدونة من الفرق أحسن، وذلك أنه جعل الشك في الحدث من الشك في الشرط، والشك في الشرط شك في المشروط، وذلك مانع من الدخول في الصلاة، والشك في الطلاق شك في حصول مانع من استصحاب العصمة، والشك في الكانع لا يوجب التوقف بوجه، والنكتة أن المشكوك فيه مطرح، فالشك في حصول الشرط يوجب طرح الشرط وذلك يمنع الإقدام على المشروط، والشك في المانع يوجب طرحه وذلك موجب للتمادي.
قلت: من تأمل وأنصف علم أن الشك في الحدث شك في مانع لا في شرط، لكنه في مانع لأمر هو شرط يف غيره.
والمعروف أن الشك في المانع لغو مطلقاً، ويؤيده قوله النكتة أن المشكوك فيه مطرح، والمشكوك فيه مسألة الوضوء إنما هو الحدث لا الوضوء فيجب طرحه.
وفيها: فكل يمين لا يعلم صاحبها أنه فيها بار وهي بالطلاق فهو حانث فلم يقيده الصقلي وقال ابن الحاجب يعني يشك.
قلت: لأنه أتى بها مصدرة بالفاء عقب قوله من حلف لا كلم فلاناً ثم شك هل كلمه طلقت عليه؛ لأن يمينه خرجت منه وهو لا يتقين أنه فيها بار، ومن شك هل طلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً ففي حرمتها إلا بعد زوج وأمره بفراقها دون قضاء قولها، ونقل اللخمي رواية ابن حبيب، وعلى الأول إن طلقها طلقة بعد نكاحها بعد زوج ففي لزوم الثلاث، ولو نكحها كذلك بعد مائة زوج ما لم يبت طلاقها ثلاثاً دفعة، أو ما لم يتزوجها بعد ثلاثة أزواج، ثالثها: ما لم يطلقها ثلاثاً، ولو كن متفرقات لها، ولرواية الصقلي مع نقله عن أشهب وأصبغ وابن وهب وتوجيهه الأقوال الثلاثة دليل مغايرتها