نفس الأمر لتحل لغيره بناء على نحو ما مر للخمي خلاف ما مر من رده، وهنا زيادة اعتبار قاعدة ما لا يتوصل للواجب إلا به فهو واجب، وما نقله في الشاتين من القول بأنه لا تحرم إلا الميتة قول ضعيف نقله الغزالي في المستصفى وزيفه هو وغيره.
قال السراج في تحصيله: إذا اشتبهت منكوحة بأجنبية وجب الكف عنهما، لكن قيل: الحرام هو الأجنبية وهو باطل؛ لأن إثبات الحرج في الفعل ينفي حله، نعم حرمت الأجنبية لكونها أجنبية والمنكوحة لاشتباهها بها.
قلت: وهو مختصر كلام الغزالين وقوله: (المنع من الاستمتاع من لوازم الطلاق لا ملزوم له .. إلخ ٩ إن أراد وقتاً ما أو الأعم من كونه بمنكوحة أو مملوكة فمسلم وليس محل النزاع، وإن أراد بالزوجة دائماً إلا بنكاح جديد، فإن أراد أنه كذلك على قول سلم ولم يفد احتجاجاً؛ بل تخريجاً، وإن أراد أنه كذلك اتفاقاً، وهو ظاهر سياقه رد بما تقدم من الخلاف في أنت طالق إن لم أطلقك أحد الأقوال يعجل الطلاق لحرمة متعته بها، وبالقول بلزوم الطلاق في قوله إن وطئتك فأنت طالق حسبما يأتي إن شاء الله.
وسمع عيسى ابن القاسم في كتاب العدة: من طلق إحدى امرأتيه بعد بنائه بإحداهما ثم نسيها ثم ماتتا، إن ماتت المدخول بها في العدة ورثها والأخرى إن شاء ورثها أو لم يرثها ذلك إليه في الاحتياط.
ابن رشد: قوله في المدخول بها صحيح، وفي قوله في الأخرى نظر؛ لأنه أباح له أخذ ما لا يدري هل هو له أم لا؟ ويلزم عليه لو لم يمت أن يؤمر بفراقها ولا يجبر، ووجه قوله أنه لما ورث المدخول بها فكأنه لم يشك في طلاقها وإنما شك في طلاق الأخرى فأشبه من شك في طلاق امرأته فيؤمر بفراقها، وأن لا يرثها ولا يجبر على ذلك؛ لأن العصمة متيقنة فلا ترفع بالشك وليس ببين؛ لأن الطلاق في هذه متيقن في إحداهما، فكما لا يجوز أن يمسك إحدهما خوف كونها المطلقة، فكذا لا يجوز إرث التي لم يبن لها خوف كونها المطلقة إلا أن يتذكر أن الأخرى هي المطلقة يقيناً، ونحى فضل إلى أن لأه نصف ميراثه منهما كما لكل واحدة منهما نصف ميراثهما منه لو مات بعد انقضاء العدة وليس بصحيح؛ لأن في موته تحقق ثبوت إرث إحداهما له يقسم بينهما بين أيمانهما على حكم التداعي وإرث الزوج مشكوك فيه بالنسبة لنفس كل واحدة منهما.