قيل: أيحلف أنه ما أراد إلا واحدة والله يعلم أنه لم يرد شيئًا. قال لابد منه.
ابن رُشْد: معناه أن البينة قامت عليه فيلزمه البتات؛ لأن قولها تركتك وودعتك محمول على الثلاث إلا أن يحلف ما أراد إلا واحدة أو ما أراد الطلاق لابد من حلفه على أحد الوجهين، هذا معنى قوله في هذه الرواية، ولا يسوغ له فيها بينه وبين الله أنه أراد واحدة إن كان لم يرد طلاقا، ولكن يمكن من ذلك ويحمل منه ما تحمل، وهذا على القول بقبول النيَّة منه بعد أن أنكر أنه أراد الطلاق، وعلى أنها لا تقبل وهو أحد قولي مالك واختيار أَصْبَغ إن أقام على أنه لم يرد الطلاق حلف على ذلك وكانت واحدة، وإن رجع، وقال: أردت واحدة لم يمكن من اليمين، وكانت ثلاثا على لفظ ما قضت به.
وسمع ابن القاسم: من قال لامرأته انتقلي عني فقالت لا حتى تبين لي أمري قال انتقلي ثم إن شئت طلقتك عشرين، فانتقلت فلم تقض شيئًا ثم ندما فلا شيء عليه.
ابن رُشْد: في لفظه اضطراب قوله: (ولم تقض شيئًا) يدل على أنها كان لها القضاء ما لم يطل الأمر أو ينقض المجلس، وأن قوله:(ثم إن شئت طلقتك عشرين) يوجب لها عليه التمليك كقوله ثم إن شئت الطلاق فأنت طالق عشرين، وقوله:(لا شيء عليه) يدل على أنه لا يلزمه شيء ولا تمليك لها عليه، والمسألة تتخرج على الخلاف فيمن قال لامرأته إن جئتني بكذا فارقتك فتكون طالقا ثلاثا إن شاءت الطلاق على القول أنه يلزمه طلاقها إن جاءت بذلك، ولا تكون طالقا إن شاء الطلاق على القول الثاني بعد حلفه ما أراد إلزام نفسه الطلاق بمشيئتها.
أبو حفص: والتمليك مباح إذ ليس طلاقا موجبه نص الجلاب، ومقتضى الروايات منعها نفسها حتى تنظر في أمرها.