وكلاهما غير بين وأرى أن لا يلزم مع عدم النيّضة منهما أو من أحدهما إلا واحدة؛ لأن اختيار النفس لا يتضمن عددًا؛ بل البينونة بنفسها، ويصح بطلقة ويختلف إن خيرها قبل البناء، ولم تعلم إلا بعده، فعلى عدم ملكه الرجعة لفساد بنائه لا يقضى إلا بوحدة كمن لم يبن بها، وعلى ملكه الرجعة كالمخيرة بعد البناء.
عبد الحق: عن أبي عمران: لو طلق المملكة قبل قضائها، ثم تزوجها بعد عدتها أو خالعها قبل قضائها ثم تزوجها في العدة سقط ما بيدها، ولو كانت قيدت تمليكها بقولها قبلت؛ لأنه لو طلقها بعد العدة في الأولى، وفيها في الثانية لم يلزم طلاقها فلا تكون هي أقوى منه.
قُلتُ: يرد بما لو جن قبل قضائها كان لها القضاء، ولو طلقها حينئذ لم يلزم، والأظهر أن سقوط ما بيدها فيهما لدلالة رضاها بالعقد عليها ثانيا على تركه كتمكينها له نفسها، وسمع عيسى رواية ابن القاسم من قالت له امرأته خيرني أو ملكني ولك عشرة دنانير فأخذها وفعل وتواجبا ثم بدا لها قبل الإشهاد فلا رجوع لها في العشرة، تقضي أو تقيم إن اختارت نفسها كانت البتة، وإن قضت في التليك ولم ينكر عليها في مجلسها لم تحل إلا بعد زوج، وإن قال لم أرد إلا واحدة حلف وقبل قوله وكانت طلقة بائنة، وإن أراد الصلح على ما ذكرت فهي إن بدا لها قبل الإشهاد، وكذا وقع الصلح فذلك لها ولا غرم عليها ولا طلاق على الزوج.
ابن رُشْد: لا خلاف أنه لا رجوع لها على الزوج في العشرة قضت أو ردت، واختلف قول مالك في تحول التخيير والتمليك بذلك عن سنتهما، فرأى مرة أنهما يحولان به تقع الطلقة فيهما بائنة للخلع وللزوج مناكرتها في الخيار كالتمليك، وهو قول ابن القاسم في هذه الرواية وأبقاهما مرة على سنتهما فلا تقضي في التخيير إلا بالثلاث، ولا مناكرة فيه للزوج، ويناكرها في التمليك والطلقة فيه رجعية، وهو الآتي على ما في سماع ابن القاسم في رسم سعد، وأما إن تداعيا إلى الصلح وتراضيا عليه وأجاب بعضهما بعضا إليه فلكل منهما أن يرجع عنه ما لم يقع الصلح ويمضياه على أنفسهما، فإن وقع لم يكن لواحد منهما أن يرجع عنه ولزمهما التشاهد عليه، ومضى هذا في أول رسم من سماع ابن القاسم، وهو الذي يأتي على ما في المدَوَّنة، وتقدم جوابها بالكناية.