قال ابن عبد السلام: هذا كقول المدَوَّنة: من قال: إن لم أفعل كذا أو لأفعلن كذا فأنت طالق، ضرب لها أجل الإيلاء.
وفيها أيضًا: من حلف أن لا يطأ امرأته حتى يموت فلان او حتى يقدم أبوه، وأبوه باليمن فهو مول فيمكن جعل هذه المسألة مثالا لكلام المؤلف.
قُلتُ: تفسيره بالمسألة الثانية وهم لقول ابن الحاجب وأجله من يوم الرفع، والاجل في المسألة الثانية من يوم القول، وقول ابن الحاجب متعقب بإطلاقه الصادق على الصورة الثانية، وإذا دخل الوهم على مثل هذا الشيخ مع علو طبقته فكيف بغيره فضلا عن المبتدئ، وبمثل هذا الإطلاق عاب كثير من طبقة شيوخ شيوخنا تأليف ابن الحاجب فإنه فيه من هذا النوع كثرة، وقال ابن الحاجب: إثر قوله الأجل من يوم الرفع فيمن منع لشك ومن ترك الوطء ضررًا ومن احتملت مدة يمينه أقل، ولذلك فرق بين أن أموت أو تموتي، وبين أن يموت زيد.
قُلتُ: يريد: ويمينه فيهما على ترك الوطء لامتناع كونه فيهما بطلاق على إيقاع فعل، وهذا يوجب كون حلفه في المسائل التي جعلها علة لهذه التفرقة كذلك، وإلا لم يستقم تعليله، وإذا كان فيها على ترك الوطء كان قوله الأجل فيها من يوم الرفع وهما حسبما بيناه، وقال ابن عبد السلام: يعني أن قوله والله لا أطأك حتى أموت أو حتى تموتي يصدق عليهما وسم الإيلاء، وقوله:(والله لا أطأك حتى يموت) زيد مدة يمينه يحتمل أقل من أربعة أشهر لاحتمال موت زيد إثر يمينه، فلا ينطبق عليه رسم الإيلاء فلا يضرب له أجل الإيلاء إلا يوم الرفع، وهذا التفريق غبر خال من مغمز، والمعهود أنهم إنما يفرقون بمثل هذا في العتق إذا قال لعبده: أنت حر بعد موتي، أو قال: بعد موت فلان الأول إيصاء أو تدبير، والثاني عتق إلى أجل.
قُلتُ: كلام ابن الحاجب وهم؛ لأنه بناء على أن الأجل في قوله، والله لا أطأك حتى يموت زيد من يوم الرفع وهو غلط؛ بل هو من يوم الحلف، كذا هو نصها وسائر المذهب، وتفسيره ابن عبد السلام بما ذكر صواب لظاهر لفظه وهم في قبوله.
وفي قوله:(هذا التفريق ... إلخ) نظر؛ لأنه محض دعوى مغمز في كلام إمام بغير حجة، وقوله:(إنما يفرقون ... إلخ) لا يثبتها بحال، ومطلق التفريق بين الصورتين لا