للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لزمه لفراشه ويسأل النساء، فإن قلن: يتأخر الحمل هكذا لم يحد، وإن قلن: لا يتأخر حد ولحق به، بخلاف من لم يبن بزوجته حتى أتت بولد لستة أشهر من يوم تزوجها فأقر به، وقال: لم أطأها منذ تزوجتها لحق به وحد.

قلت: إنما لم يحد إذا قلن يتأخر لعدم نفيه إياه بقوله: لم أطأها بعد وضع الاول لجواز كونه بالوطء الذي كان عنه الاول عملا بقولهن يتأخر، وحد إذا قلن لا يتأخر لنفيه إياه بقوله لم أطأها بعد وضع الأول منضما لقولهن لا يتأخر، فامتنع كونه عن الوطء الذي كان عنه الأول مع قوله لم أطأها بعده، وإقرار به مع ذلك، فآل أمره لنفيه وإقراره به فوجب لحوقه به وحده، وانظر لو شك النساء في تأخره كذا وعدمه، والأظهر أنه لا يحد، واقتصار ابن الحاجب على قوله: إن قلن يتأخر لم يحد، يقتضي أنهن إن شككن حد، ولفظها بخلاف ذلك لتعارض مفهومي شرطيها فتأمله.

وقال ابن عبد السلام ما نصه بعد قوله: قوله: إلا أنه قال يعني مالكًا. قال: إذا أقر بالثاني يعني بعد أن نفى الأول ولاعن فيه، وزاد مع إقراره بالثاني أنه يسأل النساء، فإن قلن أنه يتأخر هكذا لم يحد، فأشار المؤلف بصيغة الاستثناء إلى إشكال هذا الموضع، وهو كذلك؛ لأنه إذا كان يتأخر كان كما لو ولدًا في وقت واحد أو كان بينهما أقل من ستة أشهر، وقد قال في هاتين الصورتين: إن أقر بأحدهما ونفى الآخر حد ولحقا به، فكذا ينبغي الحكم فيما شاركهما في المعنى.

قلت: من تأمل وأنصف علم أن مقتضى كلامه أن قول مالك عنده أنه إذا قلن يتأخر أنه يحد ولذا استشكله، وهذا منه وهم؛ لأن نص مالك في المدونة، وفيما نقله ابن الحاجب أنه لا يحد وقد تقدم توجيهه، هذا إن حملنا كلامه على مسألة المدونة على ما هي عليه دون تحريف، وأعرضنا عن ظاهر قوله بعد أن نفى الأول، ولاعن فيه لوضوح العلم بأنه إنما تكلم على مسألة المدونة كما دل عليه تفسيره.

قال في لفظ ابن الحاجب: مالك، وهذا القول لمالك بسؤال النساء إنما هو في مسألة المدونة وغيره من كلامه بما يطول جلبه، وإن لم يعرض عنه انصرف توهيمه لذكر مسألة المدونة بنقيض ما هي عليه مع وضوحها وشهرتها، ومن يزعم أنه إنما تكلم على مسألة أخرى غير مفسر بها كلام ابن الحاجب فلا يخفى على منصف عدم

<<  <  ج: ص:  >  >>