وقت لا تكون تلك الأشهر عدة أو بعدها لم يكن العقد فيها نكاح عدة، ولو تزوجت ثالثا بعد حيض الثاني وشهور المفقود وبنى بها كان نكاحها في الشهور نكاح عدة، إذ لا سبيل للمفقود عليها بعد البناء الصحيح قبل العلم بخبره.
الشيخ: إذا كان يلزم المفقود طلقه بان أن عدتها من طلاق، فهلا راعى هل نكحها بعد تمام عدة الطلاق في بقية عدة الوفاة فيسلم من نكاح العدة أو قبل ذلك فيكون ناكحا فيها؟ ولو أبان موته أن عقد الثاني في حياته وبناؤه في عدة وفاته، ففي كونه نكاحا في عدة نقلا الصقلي عن محمد بناء على أن الدوام كالإنشاء أم لا.
ورجع الصقلي الاول بالقياس، على ان رمي من رمى صيدًا من الحل رميا قطع الحرم، وأصاب الصيد في الحل كالرمي من الحرم.
ابن حارث: لو بان بناؤها في عدة موت الأول ففي تأييد حرمتها على الثاني، وبقاء نكاحه قولا ابن القاسم والبرقي عن أشهب.
ابن الحاجب: فيها: لو ثبت وقوع العقد في عدة موت الأول فنكاح في عدة يفسخ وتحرم بالدخول ابدا.
أبن عبدالسلام: لعل نسبته هذا للمدونة لإشكاله على الذي رجع إليه.
مالك: لا تفوت إلا بالبناء، لأن مجرد العقد عنده ضعيف لو لم تكن عدة، فوجوده كعدمه هنا، فلم يبق إلا الدخول، وهو وحده لا يوجب تأبيد تحريم، كمن وطئ معتدة غلطًا، وجوابه أن النكاح في العدة أيضًا فاسد، فلا يوجب الوطء المستند إليه تحريمًا مؤبدًا.
قُلتُ: يحتمل أنه إنما نسبه لها تحقيقا لنفي توهم عدم تأبيد حرمتها في هذه الصورة لوضوح توهمه، وهو أن علة تأبيد التحريم معاملة الناكحين بنقيض مقصودهما عمدا أو تفريطا، ولما كان النكاح في هذه الصورة ليس كذلك ضرورة استناده لحكم الحاكم كان الواجب عدم تحريمها، أو استشكالا لثبوت هذا التحريم بما قررناه.
وقوله:(وجوابه إلى آخره ....) حاصله لزوم عدم التحريم في محل متفق عليه لثبوت إشكال صورة النزاع، وواضح كون مثل هذا لا يصح جوابا عن الاستشكال، بل وتكثيرله بدعوى ملزوميته لإشكال آخر في صورة متفق عليها، وإنما يتم مثل هذا