وهو مقتضى حكم ابن زَرْب على من التزم نفقة إنسانٍ، ثم قال: أردت الإنفاق دون الكسوة بالكسوة محتجاً بقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ}[الطلاق:٦].
وقال ابن سهل: في قوله نظر؛ لأن هذا إنما هو في النفقة الواجبة كنفقة الزوجة والأبوة والبنوة، وعامل القراض لا في المتطوع بها، إذا قال المتطوع: لم أرد إلا المطعم، بدليل قولها في الرواحل: لا بأس أن يستأجر العبد على أن على الذي استأجره نفقته وكذا الحر. قال: فقلنا لمالك: فإن اشترط الكسوة؟
قال: لا بأس بذلك، فقوله: لو اشترط كسوة بعد قوله: استأجره، على أن عليه نفقته يدل على أن النفقة لا تقتضي الكسوة، ولو كانت عنده مقتضية لها لقال له إذ سأله عنها: لفظ النفقة يقتضيها، ثم قال ابن سهل آخر كلامه: وأما إن قال ملتزم النفقة: لم تكن لي نيَّة في مطعم ولا ملبس، قيل له: قم بهما جميعاً.
قُلتُ: هذا إقرار منه بدخول الكسوة في مسمى النفقة، وهو قول ابن زَرْب؛ لأنه إذا كان من مسماها لزم، ولا ينفعه قوله: إنما أردت الطعام، كما لو قال: ما أردت إلا الكسوة لم يقبل، ثم رأيت المتيطي آثر قوله: قيل له: قم بهما جميعًا لعل جواب ابن زَرْب في هذا وهو محل النظر، وإذا لم يتناول لفظ النفقة الكسوة على ما قاله ابن سهل، فكيف يلزمه مع عدم النية؟ وأما إن ادعى نية، فبين أنه لا يقضي إلا بما نوى. قال: ثم رأيت في «الموَّازيَّة» مثل قول ابن زَرْب.
قال مالك: من أوصى بنفقة رجل حياته أخرج له من الثلث ما يقوم به لمنتهى سبعين سنة من ماء وحطب وطعام وكسوة.
قُلتُ: هذا واضح إلا قوله: (إنما يقضى عليه بما نوى)؛ بل الصواب بمدلول ظاهر لفظه.
قُلتُ: في كتاب الشركة ما نصه: أرأيت المتفاوضين كيف يصنعان في نفقتهما؟