الأب ابنه بما أنفق عليه مما بيده وطلب الابن يمينه ما أنفقت علي إلا لتحاسبني، ففي الحكم بحلفه له فتوى ابن العطار، ونقل الشعبي فتوى غيره.
وفيها: لا يلزم الجد نفقة ولد الولد كما لا يلزمهم نفقته ولا نفقة أخ ولا ذي رحم. ونفقة ذي الرق على سيده، في ثاني زكاتها ينفق السيد على عبده إن أبى جبر على أن ينفق عليه أو يبيع، وسمع القرينان في الأقضية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف، ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق»، قال مالك: على سيده أن لا يكلفه إلا ما يطيق يقضى بذلك عليه.
ابن رُشْد: يعني بالمعروف أي: من غير إسراف ولا إقتار بقدر سعة السيد وحال العبد ليس الوغد الأسود الذي للخدمة والحرث كالنبيل التاجر الفاره فيما يجب لها، وفيه دليل ظاهر على عدم لزوم مساواة العبد سيده في ذلك، وفعل أبي اليسر الأنصاري وأبي ذر ذلك محمول على ما يجب له عليه بالمعروف في مطعمه وملبسه بخلاف ما يملكه من البهائم فإنه يؤمر بتقوى الله في ترك إجاعتها ولا يقضى عليه بعلفها، وعن أبي يوسف يقضى عليه بعلفها كنفقة العبد؛ لما جاء أنه صلى الله عليه وسلم دخل حائط أنصاري فإذا فيه جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رق له وذرفت عيناه، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سروه وذفراه حتى سكن ثم قال:«من رب هذا الجمل؟» فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أفلا تتقي الله في البهيمة التي ملكك إياها، فإنه شكى إلي أنك تجيعه».
والفرق بين العبد والدابة أن العبد مكلف تجب عليه الحقوق من الجناية وغيرها، فكما يقضى عليه يقضى له، والدابة كما لا يقضى عليه لا يقضى لها.
قُلتُ: تعذر شكوى الدابة يوجب أحروية القضاء لها، وقوله: مسح سروه أي: