قُلتُ: نص قوله أولا: المنع والكراهة، وحاصل نقله الكراهة فقط، أو الكراهة والجواز، وما ذكره في المحشو، وقيده به، ذكره المازري غير معزو كأنه المذهب.
الباجي: اختلف أصحابنا في منعه في الدنانير والدراهم، فقال محمد بن مسلمة: كل معدود ذي قيمة كثيرة، لا يجوز فيه جزاف، كالحيوان والثياب، إنما يجوز فيما لا قدر له كالقثاء والجوز وينتقض قوله: بصبر الحنطة والتبر والحلي والمسك والدراهم فإنها موزنة لا معدودة.
قُلتُ: يرد نقضه بالحنطة وما بعدها، بأن قوله إنما هو في المعدود.
قال: وحمل ابن القُصَّار وغيره منعه في الدنانير والدراهم على الكراهة.
وحمله القاضي والأبهري على التحلايم حيث تجري عددًا؛ لأنه يرغب في الخفاف؛ لأنها في الوزن أكثر عددًا، ففي جزافها الغرر من وجهين: مبلغ العدد، ومبلغ الوزن، وغرر جزاف المكيل أو الموزون من مبلغ الكيل أو الوزن فقط. وقولهما يقتضي جواز جزافهما حيث لا يجريان إلا وزنًا والمسألة جارية على تعينها فيجوز جزافهما وعدمه، فيمتنع لتعلقهما بالذمة القولان في تعيينها لابن القاسم في الرواحل، وفي السلم الثاني: مع أشهب في الرواحل.
ابن بشير عن جل أهل المذهب: إن تعومل بهما وزنًا، جاز فيهمًا وإلا لم يجز، وحكى ابن القُصَّار الكراهة، وانفرد الباجي بقوله: إن تعومل بها عددًا لم يجز اتفاقًا, وإلا فقولان.
اللخمي: لا تباع الثياب على غير قيس إلا أن يكون قيسها معلومًا، وما جرت العادة ببيعه جزافًا دون قيس، ولا وزن كالدور لا يجوز بيعها على القيس؛ لأنه غرر، إن كثرت الأذرع تضرر مبتاعها، وفي العكس بائعها.
قُلتُ: هذا قبل علم ما فيها، وبعده جائز، ويأتي لا بن رُشْد ما ظاهره جواز بيعها مذارعة بعد رؤيتها، فيحمل قول اللخمي على ما تقررت العادة فيه ببيعه جزافًا على المشاهدة، وفيها وغيرها: شرط كونه مرئيًا، في التلقين والجلاب: يجوز في المكيل في الغرائر وصبًّا على الأرض ابن شاس: إن اشترى صبرة تحتها دكة تمنع القدر، إن تبايعا على ذلك لم يصح البيع للغرر، وإن اشترى فظهرت فله الخيار.