وهي مسألة المدَوَّنة أو مثلها. فيها من صرف من رجل دينارًا بعشرين درهمًا فقبض له عشرة، وقال له: اعطني بالعشرة الأخرى عشرة أرطال لحم كل يوم رطلًا لم يجز. وكان بعض شُيُوخنا أو جميعهم ينبهون على حرمتها اتفاقًا؛ لأن تأخير اللحم فسخ دين في دين لا يخالف فيه السيوري ولا غيره.
قُلتُ: إن كان مراده هذا فهي مثلها في الحكم، وإن خالفتها في الصورة؛ لأن ما قبض من الذمة وعاد إليها بالقرب كما لم يقبض في صرفها إن قبضت من غريمك دينًا فلا تعده إليه مكانك سلمًا في طعام أو غيره.
قال الصقلي: لأن قضاءه الدين لغو برجوعه إلى دافعه، وصح من فعلهما إنه إنما فسخ دينه فيما لا يتعجله.
قُلتُ: وقولها في مبتاع سلعة لأجل بنصف دينار، وسماع ابن القاسم في مسألة الطعام، ومتقدم كلام ابن رُشْد يقتضي فسخ البيع لفسخ الصرف الواقع عقبه.
الخمي: لو اشترى ثوبًا، ودراهم بدينارين والثوب الأقل رد لعيبه معه تمام صرف دينار، وكذا لعيب بعض الدراهم، ولو كان الأكثر انتقض الجميع لعيبه أو عيب الدراهم، وعيب أحد الدينارين بنقض كل الصفقة لمقابلته نصف الدرهم والعرض إلا على جواز صرف الجزء، فيتنقض نصفها فقط وينقلب الخيار لمبتاع العرض لعيب الشركة، ولا تفيته حوالة سوق إن كان العيب وتفيته إن كان بعض الدراهم أو أحد الدينارين.
محمد: إن كان المعيب الثوب، وفات بقطع أو تلف لم يرجع بقيمة عيبه؛ بل يرد قيمته، وتمام صرف دينار إن كان الأقل، وإن كان الأكثر رد معها الدراهم وأخذ ديناريه.
المازري: ينتقض بعيب أحد الدينارين كل الصفقة؛ لأن برده يجب رد نصف الثوب، ونصف الدراهم فيقع في بقية الدراهم إن أمضياها الصرف في بعض دينار وهو ممنوع، ويقع في الثوب الشركة لقابضه رده بها، وله حبسه على ما قدمناه من إعطائه