عينه على الناقص، ومحمله في الثانية لا فضل له في عينه فصار كمبتاع حنطة بدرهمين استقال من أحدهما، ولم يقو عنده قوة الدرهمين إذ يجوز فيهما أخذ أحدهما فلوسًا، ولا يجوز في درهم وازن أخذ نصف درهم وبالنصف الآخر فلوسًا، إلا أنه أجازه رعيًا للقول إن البيعين بالخيار ما لم يفترقا، وهو معنى قوله: كأنه حمله على المساومة، ولو كان الدينار من الدنانير التي لا تجري إلا مقطوعة بالميزان كالعبادية والمشرقية جاز إن وجد أقل من مثقال أن يأخذ بالنقص فلوسًا، أو ما شاء من عرض، أو يحاسبه بالنقص فيما له من الطعام، فقف على أن الدينار الوازن إن كان له فضل عن الناقص؛ لم يجز بعد الوجوب أخذ نقصه فلوسًا، ولا المحاسبة به في طعام وإن لم يكن له فضل؛ لم يجز أخذ فضله في الوزن فلوسًا وجازت محاسبته به في طعام، وإن كان الدينار إنما يجري بالميزان مقطوعًا مجموعًا ولم يشترط أخذه صحيحًا جاز فيه الأمران، ولما ذكر الصقلي مسألة الدينارين قال: وقد قال ابن القاسم عن مالك: من ابتاع بدراهم كيلًا فوجد فيها حين الدفع درهمًا ناقصًا فقال: أعطني بقدر ما فيه وحاسبني بنقصه لا بأس به كمن ابتاع بدرهمين حنطة، ثم قال بعد ذلك: أعطني بدرهم وأقلني من درهم.
قُلتُ: بعد الوجوب قال: نعم، كأنه حمله على المساومة، وفيه تفسير من البيع.
الصقلي: انظر هل علة جوازه قصدهما الإقالة؛ لأنها معروف ولو قصد البيع لم يجز؛ لأنه مكايسة فيجب عليه إن ابتاع حنطة بدينار وازن فأعطاه ناقصًا سدسًا، ورد عليه من الحنطة قصدًا لإقالته جاز، وإن قصد البيع لم يجز. فإن قلت: إنه باع منه الوازن بالناقص، وسدس الطعام قيل: يلزمك لو اشترى أربع وبياتٍ بأربعة دنانير قائمة، فقال: أقلني من وبيتين بدينارين، وخذ دينارين أن لا يجوز؛ لأنه وجب له أربعة دنانير باعها بدينارين وويبتين، وهذه جائزة.
قُلتُ: يرد بأن الدينارين من الأربعة الثمن لمماثلتها ما وجب في ذمة المبتاع كان قبضها اقتضاء لما في الذمة لا بيعًا، فانضمام البيع فيما لم يقتض إليه لا يوجب فسادًا، والناقص لعدم مماثلته ما في الذمة كان قبضه مبايعة بما في الذمة لانتفاء شرط حقيقة الاقتضاء وهو المماثلة فانضمام البيع فيما سواه إليه يوجب الفساد، وبهذا يتبين لك ما تقدم لابن رُشْد، من التفريق بين الدينار الذي إنما يجري بالميزان مقطوعًا مجموعًا، ولم