الثالثة: الادخار للعيش غالبًا، وقال أولًا: حكي عن ابن الماجِشُون العلة المالية، وهذا يوجب الربا في الدور والأرضين ولا يمكن قوله.
قُلتُ: فالأقوال تسعة، ثلاثة الباجي، ونقلا اللخمي، ورواية المازري وأولى ابن بشر، وقول ابن الماجِشُون، ونقل ابن الحاجب مع نقل غيره في فروع الباب علته الادخار، وقول ابن الحاجب: ولبن الإبل يقوي الاقتيات، وأجيب بأن دوام وجوده كادخاره، وبالخلاف في الموز جوابه بدوامه واضح، وبقوله: وبالخلاف في الموز لا يتقرر لمنع المحتج عليه ما ينافي قوله بالآخر، والاتفاق على لبن الإبل واضح في إبطال اعتبار العيش غالبًا، فما فيه كل ما ادعي علة واضح كقولها مع غيرها في الأربعة، والسلت، والأرز، والقطاني والزيت، والخل، واللحم، والإدام، والتمر، والزبيب.
اللخمي والباجي: والذرة والدخن.
اللخمي: والترمس، وسمع أبوزيد ابن القاسم كل زريعة لا تؤكل، ويستخرج منها ما يؤكل تباع قبل استيفائها، ويجوز منها واحد باثنين، وكل زريعة تؤكل، ويستخرج منها طعام يؤكل لا تباع قبل استيفائها ولا متفاضلة.
ابن رُشْد: كذا الرواية (لاتؤكل ويستخرج منها)، والصواب ولا يستخرج منها؛ لأن التي يستخرج منها الزيت كزريعة الفجل طعام، قاله في المدَوَّنة، ومعناه: في البلد الذي تتخذ فيه لذلك وتأويل الرواية إن صحت، ويستخرج منها شيء يؤكل، أي: بأن يزرع كزريعة البصل وشبهه، وقوله: لا يؤكل أي يؤكل تقوتًا، ولا تفكهَّا كالحرف، وحمل بعضهم الرواية على ظاهرها أن الزريعة التي لا تؤكل غير طعام، ولو أخرج منها الزيت، وهو خلاف قولها.
وقوله:(كل زريعة تؤكل ويستخرج منها ما يؤكل)، معناه: أو يستخرج منها ما يؤكل؛ لأنها إن كانت تؤكل فهي طعام، وإن لم يستخرج منها ما يؤكل اتفاقًا كالكمون، ونحوه.
قوله: في قوله اتفاقًا نظر لما يأتي في كون برز الكتان ربويًّا رواية زكاته، ونقل اللخمي عن ابن القاسم: لا زكاة فيه إذ ليس بعيش.