التمر ونبيذ الزبيب صنفان تبعًا لأصولهما، وعند أبي الفرج أنهما صنف واحد وهم، وفيها لمالك: لا يصلح نبيذ التمر ونبيذ الزبيب إلا مثلًا بمثل.
والمذهب أن الطحن والعجن لغو، ونقله ابن بشير، ثم قال في لغو الصنعة: دون نار ولا طول قولان:
الباجي عن عبد الرحمن بن أبي سلمة: الطحن معتبر وعزاه غيره لليث. وفيها لمالك لا يجوز اللحم الممقور بالنيئ، ولا السمك الطري بالمملح ولا القديد باللحم النيء متفاضلًا، ولا مثلًا بمثل ولا تحريًا، ولا يعجبني اللحم المشوي بالنيء واحد باثنين ولا بينهما فضل، وهذا أيضًا مما رجع عنه وأقام على كراهته، مثل القديد وهو أحب قوله إلي، وقال مالك: ولا يتحرى، ولم أسمع منه في القديد بالمطبوخ شيئًا، فإن كان القديد إنما جففته الشمس بلا تابل ولا صنعة صنعت فيه جاز منه واحدًا باثنين من المطبوخ، وكذا المشوي به، ولا خير في القديد بالمشوي وإن تحرى.
قُلتُ: فتجفيف الشمس والنار بتابل ناقل، وكذا فيها ما كان بمرقة وأبزار.
الباجي: إن اقترن بالنار ما تتم الصنعة به من ملح وإبزار وزيت وخل ومري وغير ذلك، فما انضاف إليه ما تكون للنهاية المعتادة من عمله فهي صناعة، كالأبزار والمرقة في طبخ اللحم والماء، والملح في الخبز فهذا يغير الجنس؛ لأن الماء والملح هو النهاية من عمل الخبز في الأغلب.
قُلتُ: ظاهره أن طبخ اللحم بالماء والملح فقط لغو ومثله قول اللخمي.
قال ابن حبيب: لا خير في قديد بقديد لاختلاف يبسه، ولا في الشواء؛ لأنه لا يعتدل، وبيع أحدهما بلآخر أو بالنيء مثلًا بمثل لا يجوز إن كان الأبزار فيهما، ولا أبزار في أحدهما، فإن كان في أحدهما فقط جاز التفاضل فيهما إذا غيرته الصنعة بالتوابل والأبزار التي عظمت فيها النفقة، فأما ما طبخ بالماء والملح فلا.
قُلتُ: فإن أضيف إيهما بصل فقط أو ثوم، فكان بعض شُيُوخنا يراه معتبرًا، وهو مقتضى آخر كلام ابن حبيب خلاف مقتضى أوله، وقول ابن الحاجب: طبخه بماء أو غيره ناقل خلاف ما تقدم للباجي واللخمي عن ابن حبيب، وما تعرض ابن عبد السلام إليه بوجه.