وَهب، وظاهر جعلها إياه كالصوف بثوبه والكتان بثوبه، فقال: لا بأس به نقدًا ولا بأس بالتور النحاس بالنحاس نقدًا، وإليه رجع مالك في رواية ابن وَهْب، ولهذا السماع، وعليه حمل التونسي قول ابن القاسم فيها، وأخذ بعضهم من هذا السماع: أنه لا يجوز، وإن بان الفضل؛ لأنه منع إعطاء نصف الدرهم فلوسًا مع تيقن أن نحاس التور أكثر غير صحيح؛ لأن التور مفضوض على قيمة الدرهمين، ونصف الدرهم من الفلوس ولا يدرى مناب الفلوس منه أأقل أو أكثر فوجب منعه، ولو أخذ في جميع الدرهمين ونصف، فلوسًا لا يشك أنها أكثر من التور، أو أقل لجاز، وهذا الخلاف موجود أيضًا في الصوف بثوبه، والكتان بثوبه، وروى أَصْبَغ لا يجوز نقدًا، ولا مؤجلًا أيهما عجل ورجع ابن القاسم عنه لجوازه إن كان الثوب معجلًا.
ومصنوع بمصنوع من النحاس أو منسوج بمنسوج من الصوف أو الكتان أو الكرسف جائز اتفاقًا نقدًا، ولو لم يبين الفضل، وتعقبه التونسي بقوله: لا فرق في القياس بين مصنوع بمصنوع أو مصنوع بغير مصنوع؛ لأن الصنعة إن لم تؤثر في أحد الجانبين لم تؤثر فيهما فانظره.
قُلتُ: قد يفرق بطول أحد الصنعتين كما مر في الفلوس، وفي ثالث سلمها كل شيء يجوز فيه واحد باثنين من صنفه، فلا يجوز فيه الجزاف، بينهما لا منهما ولا من أحدهما؛ لأنه مزابنة، ولو كان ترابًا إلا أن يبين الفضل بينهما بكثير.
وسمع أبو زيد ابن القاسم لا بأس أن يأخذ عن وزن صوف معلوم قدره تحريًا لا يخطئ إلا برطل ونحوه، وإن لم يعلم إلا بتغابن كثير فلا خير فيه.
ابن رُشْد: هذا كسماعه عيسى في السلم والآجال كل صنف من طعام أو غيره يجوز فيه واحد باثنين من صنفه فلا بأس بقسمه تحريًّا كان مكيلًا أو موزونًا أو لا، وخلاف قولها: كل شيء يجوز فيه واحد باثنين إلى آخرها.
وقال ابن دحون في سماع أبي زيد في الصوف: هو خلاف أصل مالك وأصحابه في أن الصنف الجائز فيه التفاضل لا يجوز بعضه ببعض إلا بتبين الفضل وظهوره، وأما بالتحري فمزابنة تعويل على قولها: وهو أصل مختلف فيه، وقصر المدة المانع من سبب