وقال يحيى فيها: فد جوز هذا أول الكتاب وتلك خير من هذه وأشهب يجيزها أيضًا معه، فحمل المسألة على قولين، وذكر عياض في ثاني مسألة من بيوع الآجال رواية زعم أن مقتضاها شرط الجواز بعدم مطلق المفارقة، ورواية زعم أن مقتضاها اغتفار مفارقته ليأتي بها عن قرب، وأكده بقولها في مسألة ابن محرز، وعزا القول الذي تعقبه ابن محرز إلى فضل وابن أبي زَمَنَيْن والأندلسيين، وعزا ما اختاره ابن محرز للقرويين قائلًا: وخطأوا تأويل الأندلسيين بأن ما سقط الضمان هنا لا يتنزل منزلة القبض، بدليل منع أخذ عقار غائب عن دين وإن دخل في ضمانه بالعقد، وقال التونسي: إنما يمتنع أخذ عقار غائب عن دين إذا أخذ على صفة أو تذريع إذ لا تدخل في ضمانه إلا بعد وجودهما على الصفة أو القبض، وإن كانت على رؤية تقدمت فهو قبض ناجز كالنقد، وسمع أشهب نحوه في العتبية.
قُلتُ: فعلى تأويل التونسي يبطل، تعقب ابن محرز على الأندلسيين ويتم تأويلها، وما تقدم للخمي من تعليل منع أخذ الربع الغائب عن دين بأن ثمن الشيء حاضرا أكثر من ثمنه غائبًا، فبطل تأويل التونسي فتأمله، وسمع سَحنون أشهب في كتاب السلم: إن أتى من أقيل من سلم حل برأس ماله، ومن أقيل من طعام ابتاعه بثمن إلى أجل حل فلم يدفعا ما أقيلا به حتى طال ذلك، وتباعد بشهر ونحوه، إقالتهما جائزة، وإن طال ما لم يكونا أضمرا ذلك فتبطل الإقالة ويبقى على كل منهما ما كان عليه.
ابن رُشْد: قول أشهب: هذا خلاف قول ابن القاسم وروايته في ثالث سلمها، وهو أظهر، لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الدين، وعن بيع الطعام قبل استيفائه، كما نهى عن التأخير في الصرف، وأجمعوا على منع التأخير في الصرف، ولو بغير شرط فوجب رد ما اختلف فيه إليه. وفي بيوع الآجال منها إن أخذت بدينك طعامًا كثر كيله فذهبت بعد وجوب بيعه لتأتي بدواب تحمله أو تكتري له منزلًا أو سفنًا، وذلك يتأخر اليوم واليومين أو غابت الشمس قبل تمام كيله فتأخر لغد فلا بأس به، وهو خفيف.
والتهمة على الكالئ بالكالئ المشهور اعتبارها في صرفها من أسلفني دراهم فاشتريت بها منه مكاني حنطة أو ثيابًا إن كان السلف لأجل، جاز ذلك على النقد، وإن كان حالًا جاز ذلك يدًا بيد. عياض، وفي الأصل أو لأجل، وهذا الحرف موقوف في