قُلتُ: حاصل الأول أن الغرر كل ما كان يسيرًا غير مقصود بوجه لم يمنع صحة البيع وبين الملازمة بأن مانعية الغرر إنما هي لما يؤدي إليه من مخاصمة المتبايعين، ويرد بأنه دعوى إخراج صورة النزاع من عام شامل لها بمفهوم علة، مستنبطة، ومثل هذا لا يوجب إشكالًا؛ لأن العموم مقدم على مفهوم العلة المستنبطة، وإنما الخلاف في مفهوم منطوق أو علة منصوص عليها، وما بين فيه الملازمة غير صحيح؛ لأن مانعيه الغرر إنما هي لا شتمال الغرر على حكمة هي عجز البائع عن تسليم المبيع لمبتاعه حسبما قرره الفخر في المحصول وغيره من الأصوليين، ولقد كان شيخنا أبو عبد الله بن الحباب ينكث على متفقهة وقته ويقول يقرأون كتاب بيع الغرر ويعللون به ولا يعرفون وجه علته وكيف يتوهم كون حكمة علة الغرر المخاصمة، وأكثر صورها عرية عنها كبيع الآبق والثمر قبل بدو صلاحه على أن ضمانه من مبتاعه إلى غير ذلك من صور الغرر، وحاصل وجهه الثاني أنه كلما اشترطت الحاجة لارتكاب يسير الغرر متمنًا لما في الواقع من عدم خلو أكثر البياعات عنه لزم كون أكثر البياعات رخصة، وبين الملازمة بأن ما يباح عند الحاجة، ويمنع عند عدمها رخصة ويرد من بوجهين: الأول: قوله: ما يباح عند الحاجة ويمنع عند عدمها رخصة إن أراد مع كون الحاجة خاصة فمسلم كأكل الميتة فإنه محتاج إليه لبعض الناس في بعض الأزمنة لا عام فيهما وكثيرًا العرية بخرصها تمرًا ونحوهما، وإن أراد سواء كانت خاصة أو عامة منعناه، وسند المنع استقراء صور الرخصة، والحاجة في ارتكاب يسير الغرر في البيع عامة، لا خاصة، وقد تقرر في كتاب القياس أن الحاجي العامي من المقاصد معتبر، ومثلوه بالبيع والإجازة.
الثاني: الملازمة التي ادعى صحتها، وادعى بطلانها لازمها، وهو كذلك ينتج له إن وصف الحاجة في يسير الغرر، لا شتراط في لغوه، وذلك باطل للاتفاق على صحة بيع جبة محشوة بحشوها
الثاني: الملازمة التي ادعى صحتها، وادعى بطلانها لازمها، وهو كذلك ينتج له إن وصف الحاجة في يسير الغرر، لا شتراط في لغوه، وذلك باطل للاتفاق على صحة بيع جبة محشوة بحشوها المجهول وفساد بيع حملة ثياب قيمتها ضعف قيمة الجبة مع حشو الجبة دونها صفقة واحدة ولا فرق غير الحاجة، للحشو في بيعه مع حببته وعدمها في بيعه مع الأثواب.