للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخريج على قوليهما في بيع أرض ذات الجزية على أن الخراج على المبتاع، وظاهر لفظ ابن فتوح، والمتيطي إنه عن أشهب نص، وظاهر قول ابن الهندي إنه عن ابن القاسم نص: ويؤيده قول شفعتها إثر منعه بيع أرض الصلح على أن الخراج على المبتاع كل عام شيئًا يدفعه، ولما ذكر الباجي قولي أشهب وابن القاسم في منع أرض الصلح على أن الخراج على المبتاع قال: وقد ألحق أهل بلدتنا بذلك ما ألزم أرض الإسلام من وظائف الظلم للسلطان، وهو غير صحيح؛ لأن هذه الوظائف مظلمة ليست بحق ثابت، ومن أمكنه دفعها عن نفسه لم يأثم، وخراج أرض الصلح لا يحل دفعه، وإنما مثل المظالم الموظفة على الأرض مثل ابتياع الثياب في بلد يلزم المبتاع المكس في كل ما يبتاع منه فلا يمنع ذلك صحة التبايع فيها.

قُلتُ: قوله غير صحيح غير صحيح وقياسه على صحة بيع الثياب يرد بأن المغرم عليها معلوم غير مجهول؛ لأنه غير دائم، والوظيف مجهول بجهل مدته.

ابن فتوح وغيره تحيل متأخرو فقهاء قرطبة تمسكًا بقول ابن القاسم بأن عقدوا التبري من الوظيف في كتاب غير كتاب الابتياع بنص كونه بعد عقد الصفقة، وقل ما تنعقد صفقة إلا بعد معرفتهما به، وإنه لمن الكذب الذي تركه أولى، ولو أخذ بقول أشهب؛ لكن أحسن الخروج الناس به من الكذب.

قال ابن العطار: تكلمت غير مرة مع محمد بن بلفي وابن زَرْب قبل أن يستقضي، وكان يختار قول أشهب، فلما تولى القضاء قلت له: أمكنك إنفاذ ما كنت تختاره من الأخذ بقول أشهب فاحكم به تتبع فتثاقل عن ذلك، وقال: من يستطيع صرف الناس عن ما جروا عليه.

قُلتُ: هذا بين على أن ترجيح قول أشهب عنده لم يبلغ كونه نتيجة اجتهاد مستقل عن تقليد، ولو كان كذلك ما جاز له العدول عنه اتباعًا لما عليه الناس.

وقال ابن عات: رأيت لا بن رُشْد في تعقبه على ابن العطار، نحو قول أشهب قال: هذه المغارم ظلم يجوز أن يتبرأ بها في نفس الصفقة كسائر العيوب، ولولا ذلك ما جاز بيع الأصول الموظفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>