أبلغي زيدًا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب قالت: فقلت: أرأيت إن تركت وأخذت الستمائة؟ قالت: نعم (فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما ساف)[البقرة:٧].
أبو عمر رواه أبو إسحاق السبيعي عن امرأة أم يونس واسمها الغالية أنها سمعت عائشة ولا يحتج به عند أهل العلم بالحديث، وهؤلاء النساء غير معروفات بحمل العلم.
قال ابن عبد السلام: هذه أحسن طرق استدلالهم وهي ضعيفة؛ لأنها بناء على أن الأحكام لا تتبع الذوات ولا دليل عليه وإن قام عليه دليل فهو منقوض بالتعبدات، ولو سلم فما المانع من كون المنع في الصورة المذكورة لتضمنها سلفًا جر نفعًا حقيقة لا احتمالا، فلا يكون المنع للذريعة وذلك؛ لأن البائع قد يغتبط بالسلف والمشتري قد يغتبط بالسلعة يشتريها بأضعاف ثمنها فكيف إذا رضي البائع منه بالسلف، ويحققه أن القائل بأن منعه للذريعة يحكم في فوت السلعة فيه بالأقل من الثمن أو القيمة أو بأكثرهما ومن يجعله سلفًا جر منفعة، وهو ابن عبد الحَكم وغيره يقول فيه بالقيمة مطلقًا، وبالجملة اتفاق عالمين على حكم صورة معينة لا يوجب اتفاقهما على مدركه وقد علمت أن البيع والسلف ممنوع بالإجماع، والحديث الصحيح، فكيف يقال علماء المسلمين مع أن فيهم من ينكر القياس وأكثرهم لا يقول بسد الزرائع ولا سيما في البيع تركوا الإجماع والحديث الصحيح واعتبروا أسباب سد الذرائع، ثم إنا إذا سلمناه فإنما يثبت الحكم في بياعات الآجال بالقياس على منع البيع والسلف، وقد علمت أن المنع فيه إنما نشأ عن اشتراط السلف نصًا، وبياعات الآجال لا نص فيها باشتراط أن البائع يشتري السلعة التي باع، وإنما هو أمر يتهمان عليه ويستند في تلك التهمة إلى العادة والاستدلال بالعادة أضعف من الاستدلال بالتنصيص بكثير، وهب أن تلك العادة وجدت في قوم في المائة الثالثة بالمدينة أو بالحجاز فلو قلتم: إنها وجدت بالعراق، والمغرب في المائة السابعة، وقد علم أن العادة إنما تجري بوقوع أحد الممكنين