قوله: وبالجملة اتفاق عالمين على حكم صورة معينة إلى قوله: على مدركه يرد بوضوح العلم بأن الاستدلال بالإجماع على منع البيع مع السلف غيرمتوقف على الاتفاق على مدركه، وما ادعاه فيه أحد من شُيُوخ المذهب، ولا ألم به على تعليله، بمظنة التهمة على ما لا يجوز بالمناسبة الواضحة مع نفي ما سوى ما ادعى عليته، وإليه أشار ابن الحاجب بقوله: ولا معنى سواه قوله: وقد علمت أن البيع والسلف إلى قوله الذرائع.
قُلتُ: حاصله: أن القول بدلالة منع البيع مع السلف على اعتبار الرائع في الأحكام الشرعية ملزوم لترك الإجماع والحديث الصحيح الدالين على المنع المذكور، وهذا وهمٌ شنيعٌ؛ لأنه يلزم منه أن كل قائل بحكم نص أو إجماع أبدا لذلك الحكم علة بأحد طرقها المعروفة أنه تارك للأخذ بذلك الإجماع والنص، وكيف يفهم قائل هذا اختلاف الشافعي مع غيره من الأصوليين في كون حكم الأصل ثابتًا بالعلة أو النص.
قوله: ثم إنا إذا سلمنا ذلك إلى قوله: يتهمان عليه حاصله أن علة منع البيع مع السلف انضمام السلف إليه بالشرط، فقياس بيوع الآجال عليه لا يتم للفرق بأن الانضمام في البيع والسلف اشترط نصًا وانضمام البيعة الثانية في بيوع الآجال الذي ادعى أنه علة ليس مشترطًا نصًا ويرد بوجوه:
الأول: إن المدعى عليته في الأصل والفرع متحد في حصوله بمجرد الفعل دون شرط، وبيانه: إن قصد الانتفاع بالسلف غير قصد، جر السلف نفعًا، والشرط إنما هو متعلق دائمًا أو في الأكثر بالأول؛ لأنه إنما يصدر من آخذ السلف لا من معطيه، وهذا ليس علة في المنع.
والثاني: إنما حصوله دائمًا أو في الأكثر بمجرد الفعل؛ لأنه الصادر من معطي السلف وهو غير مشترط؛ بل مشترط عليه، والشروط إنما يشترطها من هي له لا من هى عليه، وهذا هو علة المنع، وهو السلف من حيث كونه يجر النفع لغيره لا من حيث كونه منتفعًا به فقد اتحدت علة المنع في الأصل والفرع في عدم الاشتراط والحصول