"المدَوَّنة" وغيرها: عتق السنة آكد من عتق الافتراق ولا أعلم لما زعموه من نقض البياعات متمسكًا إلا توهم القياس على نقض البياعات المتعددة في الشفعة الكائنة بعد البيع الذي شفع بثمنه وتقرير القياس أنه إذا تعدد بيع الشقص أربعًا فأخذ الشفيع بالبيع الأول فقد نقض البيع الثاني اتفاقًا، وأوجب نقض هذا الثاني، نقض ما بعده اتفاقًا، والمشتري الأول إذا رد المبيع على البائع الأول فقد نقض بيعه وهو أول البياعات فوجب نقض ما بعده قياسًا على الشفعة بجامع مطلق نقض البيع، ورد هذا القياس واضح وهذا؛ لأن موجب النقض في الشفعة ليس هو نقض البيع الثاني عن البيع الذي أخذ فيه بالشفعة وإنما موجبه أن الشفيع إذا أخذ بالشفعة بثمن البيع الأول أخذ الشقص من يد مشتريه بغير عوض يعطيه إياه إجماعًا فوجب رجوع المشتري الآخر على بائعه بما أخذ منه من ثمن الشقص وكذا كل مبتاع يرجع على بائعه إلى أن ينتهي الأمر إلى المشتري الذي أخذ الشفيع بثمن شرائه فيعطي لمن ابتاع منه ثمنه ولا يرجع هو على أحد لأخذه ثمنه من الشفيع، فموجب النقض في الشفعة إنما هو أخذ المبيع من يد آخر مشتريه بغير ثمن، وفي مسألة الرد بالعيب إنما أخذه الراد بثمن دفعه إليه، فعلة النقض في الشفعة معدومة في الرد بالعيب فتأمله.
وقال ابن عبد السلام إثر ذكره كلام التونسي: وهذا ظاهر ولكنه يصعب إذا تعدت الباعات ورجع للمشتري الأول بهبة أو صدقة.
قُلتُ: لا صعوبة فيه؛ لأن اللازم عند عدم رده على البائع الأول وهذا هو اختيار التونسي وله في الهبة كلام يأتي إن شاء الله.
وفي شرط رد مشتريه إذا رجع إليه بشراء على بائعه الأول بعدم علمه بالعيب قبل شرائه الثاني نقلا عياض: تأويل الأقل قولي ابن القاسم مع أشهب وتأويل الأكثر قال: وهو ظاهر قولها: إن اشترى عبدًا فباعه ثم ادعى عيبًا لم يكن له أن يخاصم بائعه؛ لكن إن رجع إليه بشراء أو غيره فله رده على بائعه قال: قالوا لو رجع إليه بشراء بعد تخيير مشتريه الثاني في رده بالعيب لم يكن له رده.
قُلتُ: التأويل الأول عزاه عبد الحق لمحمد، والثاني لبعض شُيُوخه واختاره قال: وقال بعض شُيُوخنا: لو باعه مشتريه من مشتريه من بائع بائعه لم تنقض البياعات؛ لأن