قلت: قول ابن الهندي: ما أصاب المبيع بعد العقد من المبتاع اتفاقاً خلاف ما تقدم من نقل القول بوقف ضمانه على القبض ورده قول الموثقين بما ذكر، يرد بأن الإنزال كالإقباض في السلع المعينة فكما لا يوجب ذلك ضمان البائع على المشهور كذلك وجوب الإنزال، ولما ذكر ابن رشد قول أشهب بوقف الضمان على القبض قال: وللخروج من هذا الخلاف يقول الموثقون في وثائقهم: ونزل المبتاع فيما ابتاع وإبراء البائع من درك الإنزال؛ لأنه به يسقط الضمان عن البائع اتفاقا ففي الإنزال حق للمبتاع في طروء الاستحقاق وللبائع في سقوط الضمان بعد طلبه منهما قضي له به على الآخر.
وضمان ما فيه حق توفية قبلها من بائعه ويتم بعد ما عد على مبتاعه، واستقرار ما كيل أو وزن في وعاء مبتاعه.
وسمع عيسى ابن القاسم: من باع زيتا فأمر أجيره بكيله فكال مطراً صبه في وعاء المشتري ثم كال آخر فوقع على وعاء المشتري فانكسرا معاً فالثاني من بائعه، ويضمن الأجير الأول؛ لأنه من سببه.
ابن رشد: كون الثاني من بائعه؛ لأن يد أجيره كيده، ولا يضمن الأجير ما سقط من يده، وضمان سقوط المكيل من يد البائع بعد امتلائه حين كيله منه اتفاقاً، ولو كان المبتاع هو الذي كال أو من ناب عنه بإذن البائع فسقط المكيال من يده أو من يد من ناب عنه بعد أن امتلأ وقبل صبه في وعائه فانكسر، وذهب ما فيه، ففي كونه من البائع أو المبتاع سماع عيسى بن القاسم مع سماعه يحيي وقول سحنون قائلاً: إن هلك قبل امتلائه فهو من بائعه كان المكيال للبائع أو المبتاع إلا أن يكون هو الذي يتصرف به المبتاع لمنزله ليس له إناء غيره فيضمن ما فيه إذا امتلأ كان له أو للبائع استعاره منه، رواه ابن أبي جعفر عن ابن وهب وهو صحيح وهذا الخلاف على الخلاف في السلعة الحاضرة هل يضمنها مبتاعها بالعقد أو حتى يقبضها أو يمضي من المدة ما كان يمكنه فيها قبضها لو أراده، والقولان في السلعة الحاضرة قائمان من قولها في البيوع الفاسدة وبيوع الآجال؛ وإنما لم يدخل الخلاف إن كان البائع هو الذي كال؛ لأنه لا يتعين ما في