وإذا اختلف العاقدان في التبدئة بالدفع، فقال المازري في كتاب السلم: لا أعرف فيها نصاً جلياً لمالك ولا لأحد من أصحابه.
وقال ابن القُصَّار: الذي يقوى في نفسي جبر المشتري على البدء بالتسليم أو يقال لهما أنتما أعلم إما أن يتطوع أحد كما بالبدء أو كونا على ما أنتما عليه وأن يجبر المبتاع أولى وهو قول أبي حنيفة، وقال الشافعي: مرة يجبر البائع، ومرة لا يجبر واحد منهما، وقال قوم: يحضر الثمن والمثمون عند الحاكم أو العدل؛ ليسلم لكل واحد منهما ماله عزى للشافعي، وإنما قلت: إن المبتاع يجبر؛ لظاهر قول مالك للبائع أن يتمسك بما باع حتى يقبض الثمن.
قُلتُ: تممت نقل قوله من كتاب اختصار عيون الأدلة، وإنما ذكر المازري بعضه وزاد في كتاب العيون قال إسماعيل القاضي: يدفع الثمن والمثمون لرجل يدفع لكل منهما حقه، قال: وهذا أيضاً قد يتشاحان في البدء بالدفع لهذا الرجل إلا أن يقال يتناول ذلك، منهما معاً وأخذ بعض أشياخي، من قولها في الأكرية يبدأ صاحب الدابة بالدفاع فكلما مضى يوم أخذ مقداره من المكتري تبدئة البائع ومن قولها في النكاح للمرأة منع نفسها حتى تقبض صداقها تبدئة المشتري، وعزا هذا التخريج في كتاب السلم لشيخه عبد الحميد، قال: ونازع فيه شيخي اللخمي وفرق بأنه لا يمكن تسليم العوض للمكتري بنفس دفعه الثمن لأنه إنما يقتضي شيئاً بعد شيء بخلاف السلعة المعينة، ورده المازري بأنه لو كان تبدئة المكتري لأن المكتري لو جبر على الدفع لما أمكن قبضه العوض حينئذ لعكس هذا وقيل: لا يلزم المكري أن يسلم منافع دابته أول النهار لأجل تأخر قبضه عوضها وإذا بطل تعليل تبدئة المكري بها ذكر تعين كونه لأجل أنه بائع، فتعين كونه كذلك في كل بائع ويؤكده على أن بائع السلعة لأجل تسليمها وإن كان لا يقبض عوضها حينئذ لأجل ما رضي به من التأجيل فكذلك المكتري لعلمه أن ما ابتاعه من المنافع لا يمكن قبضها دفعة.
قُلتُ: ما ذكره المازري يرد بالقول بموجبه لعدم تناوله الفرق المذكور، وبيانه أن حاصل الفرق صدق قولنا لو بدئ المكتري بالدفع تمام ما بيده لزم ضرره الناشئ عن