وسمع أبو زيد ابن القاسم في جامع البيوع (من ابتاع زرعا قبل بدو صلاحه ثم حصده وحمله إلى منزله فأصابته نار فاحترق، وعلم أنه ذلك القمح بعينه فمصيبته من بائعه).
ابن رشد: هذا لخلاف المعلوم في المذهب أن المبيع بيعا فاسدا، يضمنه مبتاعه بقبضه، ونحوه سمع يحيي في كتاب الجعل، ووجهه لما كان بيعا فاسدا لم ينعقد، ولا انتقل به ملك، وبقى في ملك البائع؛ فوجب كون ضمانه منه إذا قامت على تلفه بينة، وقال جماعة خارج المذهب، زاد في أجوبته في هذا القول: ولا يفيت المبيع بيع ولا غيره وهو شاذ في المذهب.
قلت: وظاهره أنه إنما يكون من البائع إن قامت بهلاكه بينة.
اللخمي: وقال سحنون: إن كان البيع حراما فمصيبته من بائعه وهو في يد مشتريه كالرهن، وعبر المارزي عنه بكونه متفقا على تحريمه.
قلت: وسمع سحنون ابن القاسم: من اشترى زرعا بعد يبسه بثمن فاسد فأصابته عاهة فتلف قبل حصده مصيبته من مشتريه، وهو قابض بخلاف مشتريه قبل بدو صلاحه على أن يتركه فيصاب بعد يبسه مصيبته من بائعه.
ابن رشد: لأنه إذا ابتاعه بعد يبسه بثمن فاسد دخل بالعقد في ضمانه؛ إذ لا توفية فيه على البائع؛ لأنه جزاف كما لو اشتراه صحيحا ضمنه بالعقد؛ لأن حصاده عليه ولا جانحة فيه فهو كصبرة جزافا.
قلت: هذا يقتضي أن المذهب عنده في المبيع بيعا فاسدا إذا لم يكن بيد بائعه، ولا توفية فيه، إنه من مبتاعه، وظاهر قولنا والروايات غير هذا السماع أنه من بائعه، وإنما يتصور هذا على قول أشهب القائل: إن التمكين كالقبض، فتأمله وسمع أبو زيد ابن القاسم: من ابتاع كلبا فهلك بيده ضمانه من بائعه وعليه يرد المبتاع ما انتفع به لحديث: "الخراج بالضمان"، ومثله سماع عيسى في مسلم اشترى من مسلم خنزيرا يرد ثمنه