المذاكرون يعتذرون عن مثل هذا في المدونة في كتاب الغصب وغيره، بأن أصلها الاختلاط؛ ولذا سميت (مختلطة) ونفس هذه المسألة لا أعرفها لغيره، وما ذكره من القولين فيها تقدما في العيوب فيمن رد أعلى المعيب وفات أدناه؛ لأن المردود كالمستحق وفوت الأدنى كالدرهمين.
قال ابن عبد السلام: بعد تصويره القولين الذين نقل ابن الحاجب، وفي هذا المذهب قول منسوب لابن الماجشون: إن الحكم في قيام الثوب وفواته واحد؛ وهو أنه لا يرجع في هذا المثال إلا في قيمة خمسة أسداس الثوب، ولو كان قائما لم يتغير في سوق ولا غيرها.
قلت: هذا نفس القول بأن من استحق من يده ما ابتاعه إنه لا يرجع في عين عوضه الذي خرج من يده مع كونه قائما لم يفت بحوالة سوق ولا أعرف من نقله والأصول تأباه بالبديهة؛ لأنه يؤدي إلى إخراج الشيء عن ملك ربه بغير اختياره؛ بل قال ابن الحارث: اتفقوا فيمن استحقت من يده سلعة أنه يرجع في عوضه إن كان عينا فيعين وإن كان قائما وبقيمته إن كان فائتا.
ثم قال ابن عبد السلام:(وقول المؤلف لا قيمة ثلثه ونصفه)، فلا يريد به خصوصية هذه المسألة لاستحالة أن تكون السلعة ثلثا ونصفا من الصفقة في وقت واحد وإنما ماده لا قيمة ثلثه إن كانت السلعة ثلث الصفقة كما لو كانت تساوي درهما واحدا، ولا قيمة نصفه كما لو كانت تساوي درهمين وهذه المسألة ليست م هذا الباب.
قلت: قوله: لاستحالة أن تكون السلعة ثلثا ونصفا يريد أن لازم قول ابن الحاجب: (قيمة ثلثه ونصفه) صدق قولنا: تكون السلعة ثلثا ونصفا، وهذا عنده مستحيل لامتناع صدق مسمى النصف والثلث على شيء واحد في وقت واحد، ومن الضروري هنا أن تعلم أن الخبر وهو المحمول عند المنطقين إذا كان معطوفاً ومعطوفاً عليه فتارة يكون المعتبر فيهما صدق كل منهما على المبتدأ وهو الموضوع كقولنا: العشرة عدد وزوج، وتارة يكون المعتبر صدق مجموعهما لا أحدهما منفردا كقولنا: العشرة سبعة وثلاثة، إذا تذكرت هذا فقوله: يستحيل أن تكون السلعة ثلثا ونصفا من الصفقة