قُلتُ: الأظهر قول ابن حبيب، لأن معنى تفرقته: أن التخيير في البيع مقارن لعقده وهو مبني على المكايسة فضعف فيه تأمينه بخلاف مجرد الاقتصار، ولهذا المعنى فرق محمد بين طوع البائع ابتداء يدفعهما وبين سؤال المبتاع ذلك.
قال اللخمي: ولو ضاع أحدهما في بيعهما على لزوم أحدهما، فقال محمد: هما بينهما وعليه نصف ثمنهما.
وفي العتبيَّة: يلزمه نصف ثمن التالف، وله رد الباقي لضرر الشركة.
ولمحمد: إن كانا عبدين فالهالك من البائع ويرد الباقي على المشتري.
وفي كتاب ابن سَحنون: له رد الباقي، وقاله أشهب وابن عبد الحَكم، وجه القول بأنه لا يضمن التالف أن لزوم البيع في أحدهما موقوف على تعيينه المبتاع وليس القصد لزوم نصف كل منهما، ولو قال: أحد عبديه حر فمات أحدهما أو قتل ففي لزوم حرية الباقي بنفس فوت التالف ووقفهما على اختيار ربه عتقه قولا، سَحنون، فعلى الثاني له رد الباقي في البيع، وهو أحسن.
قُلتُ: ظاهر هذا التوجيه عموم نفي الضمان فيما يغاب عليه خلاف مفهوم قول محمد، وما عزاه للعتبية هو سماع ابن القاسم لفظه إن قال: لم أكن اخترت شيئًا اتهم، ولم يصدق، وغرم نصف التالف؛ لأنه لو هلكا معًا.
وقال: لم اختر، لم يصدق وضمن نصف كل منهما؛ لأنه كان أمينًا في نصف كل منهما.
ابن رُشْد: هذا وهم منه؛ لأنه إنما يضمن الواحد إذا تلفا معًا ونصف التالف إذا تلف أحدهما على قوله؛ لأنه أخذ أحدهما على الشراء والضمان والآخر على الأمانة، فلا معنى للتهمة وذهب وهله لمسألة من اشترى أحدهما ليختار وهو فيه بالخيار، وسَحنون يقول: فيما تلف في أحدهما ليختار أحدهما، وقد لزمه إن قامت عليه بينة على التلف فالمصيبة من البائع كالمشتري بخيار، لأنه جعل ذلك كمن اشترى شيئًا على الكيل وتلف قبله يقوم ذلك من قوله في المدَوَّنة، ومعناه: أن التلف لم يعلم إلا بقوله في مسألة الذي أخذ ثلاثة دنانير ليقتضي واحدًا منها، ويرد الباقيين فتلف أحدهما، أنهما شريكان، وسواء على قول ابن القاسم وروايته قامت على تلف الدنانير بينة أو لم تقم.