اللخمي: في الموازيَّة من ابتاع ثمر حائط غائب لم يره لم يجز أن يبيعه حتى يراه؛ لأنه في ضمان البائع يريد إن كانت يابسة؛ لأنه لا يسقط الضمان، وإن رضيه إلا فيما كان يابسًا، والمنع أحسن لعموم الحديث، وقد قال مالك في حديث النهي عن ربح ما لم يضمن: إن ذلك في الطعام، فبأي وجه كان في ضمان بائعه منع من بيعه ويختلف على هذا في الصبرة تحبس في الثمن على أن المصيبة من البائع.
قُلتُ: في قوله لا يسقط الضمان وإن رضيه إلا فيما كان يابسًا نظر؛ بل ظاهر المذهب أنها في ضمانه بمجرد رؤيته ورضاه قبل يبسها كاشترائها حاضرة، وضمان الجوائح في هذا الباب غير معتبر؛ ولذا لم يقيده التونسي وهو ظاهر قول الباجي؛ لأنه لما ذكر قول ابن القاسم وأشهب في مسألة اللبن قال: وجه قول أشهب أنه لم يبق على البائع حق توفية فيه كالثمرة في رؤوس النخل، والفرق على قول ابن القاسم بينهما وبين الثمرة أنها ليست في ضمان البائع على الإطلاق؛ وإنما هي في ضمانه على وجه مخصوص مختلف فيه.
قُلتُ: فظاهره جواز بيع الثمرة لا بقيد اليبس وهو دليل سماع ابن القاسم لا بأس بثمن اشترى نصف ثمرة بعد بدو صلاحها أن يبيعها قبل أن يجدها.
ابن القاسم: وكان يقول قديمًا ليس له بيعها حتى يستوفيها.
ابن رُشْد: وجه قوله بالمنع إنه كان لا يقدر أن يبين بحظه إلا بالقسمة بالكيل فيما يكال أو الوزن فيما يوزن أو العد فيما يعد أشبه المشتري من الطعام على ذلك والقول الآخر هو مقتضى القياس؛ لأن حظه داخل في ضمانه بالعقد كدخول جميعها بعقد الشراء وإن لم يستوفها إلا ما فيه من حكم الجائحة.
قُلتُ: فهذا نص من ابن رُشْد على لغو اعتبار اليبس وهو ظاهر السماع.